في أدب السيرة.. الأستاذ ود الفضل يكتب :محطات في مسيرة الحياة (٨)

الخرطوم :مرايا برس

في يوم الجمعة تحركت المظاهرة الكبرى من مسجد أمدرمان الكبير وتوجهت إلى منزل الزعيم الأزهري رئيس مجلس السيادة والذي خرج حاسر الرأس مخاطباً المظاهرة بقوله”ان الواحد منا إذا اسئ إلى عرضه يغضب فكيف بنا و قد اسئ إلى عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم” اقول لكم سنعمل على حل الحزب الشيوعي من داخل البرلمان و إذا لم يحل البرلمان الحزب الشيوعي فسأنزل إلى الشارع لأقود مظاهراتكم بنفسي حتى نحل الحزب الشيوعي”.
فتحركت المظاهرة من عند داره و هي تهتف حياك الله يا أزهري قواك الله يا أزهري متجهة إلى بيت السيد الصادق المهدي رئيس مجلس الوزراء فخرج مخاطباً المظاهرة بحديث لم يتجاوب فيه مع مشاعر المتظاهرين حيث دار كلامه عن الديمقراطية وهو في أثناء حديثه هذا خرج الأنصار من مسجد ود نوباي منددين بالحزب الشيوعي وهاجموا دار الحزب الشيوعي ببيت المال، فتفرق الجمع ولم يستمع للسيد الصادق المهدي الذي صدمه بحديثه الذي لم يراع فيه للمتظاهرين والثائرين.
خرج الأنصار إثر سماعهم لبيان السيد أحمد المهدي وزير الداخلية الذي ندد فيه بالشيوعيين وتطاولهم على عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم. حضر الأنصار أيضاً من الأقاليم الغربية (أم جر) على وجه الخصوص وهم يسألون عن حِلة الشيوعيين لقطع دابرهم. لعل موقف الزعيم الأزهري ومظاهرة الأنصار و هجومهم على الشيوعيين في دارهم ببيت المال هو سبب الحقد الدفين من قبل الشيوعين على الزعيم الأزهري الذي اغتالوه بعد أن اودعوه السجن، وهجومهم على الأنصار بمسجد ود نوباي و اغتيال اكثر من ثلاثمائة من الأنصار و هجومهم على الجزيرة أبا براً وجواً و اغتيالهم للأمام الهادي و آلاف الأنصار الذين حاصروهم في الجزيرة يؤكد أنهم قوم دمويون و حاقدون بطبعهم، وليس ادل على ذلك من مجزرة بيت الضيافة التي اعدموا فيها اكثر من ثمانين ضابطاً بدم بارد بعد اعتقالهم إثر حركتهم الفاشلة في ١٩ يوليو ١٩٧١م ضد النميري.
استمرت المظاهرات في العاصمة وبقية مدن السودان إلى أن كان يوم الإثنين الذي تجتمع فيه الجمعية التأسيسية، فكان أن طُرح الموضوع للنقاش، وكانت الجماهير الغاضبة آنذاك تحيط بالجمعية التأسيسية التي كان مقرها مجلس تشريعي ولاية الخرطوم الآن، وقد اتخذت الجمعية قراراً بحل الحزب الشيوعي وطرد نوابه الأحد عشر من الجمعية، وخرج الدكتور الترابي مخاطباً الجماهير بقوله: لقد انتصر شعب الرسول صلى الله عليه وسلم، فتعالى هتاف الجماهير مرددة:حليناه الحزب الكافر، حليناه بإذن الله.
هجمت الجماهير على دور الحزب الشيوعي ببيت المال وشارع الأربعين، ولقد شهدت بنفسي طفلاً في الثانية عشر من عمره وهو يحمل كرسياً حديدياً ويهتف لا شيوعية في الكرة الأرضية.

نواصل

تعليقات
Loading...