في أدب السيرة.. الأستاذ ود الفضل يكتب :محطات في مسيرة الحياة(٩)

الخرطوم :مرايا برس

بالطبع لم يسكت الشيوعيون على ذلك بعدها اعدوا مظاهرة اسموها موكب الدفاع عن الديمقراطية أوله في القصر وآخره في ميدان ابي جنزير وحملوا عريضتهم لتقديمها للقصر.
وفي نفس الوقت تحركت مجموعة من امام مسجد الخرطوم الكبير واتجهت بشارع الجامعة للالتحام بمظاهرة الشيوعيين وكانت مسلحة بأعواد النيم ولما تراءت المجموعتان تدخلت الشرطة بقنابل مسيلة للدموع، فاذا بذلك الجمع الغفير يفر هارباً لا يلوي على احد تاركاً عريضته ومكرفونه فتبعناهم وغنمنا منهم ثمانية لافتات بالإضافة إلى لافتة دار الحزب الشيوعي فتبخر ذلك الموكب على كثافته. وفي المساء سألت زميلي أحمد وكنا نسكن سوياً في إحدى غرف الداخلية وكان مع موكب الشيوعية فسألته كان عددكم يفوقنا بعشرين مرة ما الذي جعلكم تفرون من أمامنا؟ فقال: كيف ما نجري و انتم تحملون سيوفكم مكبرين ومهللين و مهرولين نحونا من جهة الغرب وأربعين من الأنصار من جهة الشرق مسلحين بالسكاكين فأصبحنا في كماشة بينكم والانصار.
وهكذا نصرنا الله عليهم في هذا الموكب الذي ارادوا به إلغاء قرار الجمعية التاسيسية.
ثم الموقف الآخر من محاولات الشيوعيين وهي ندوة الجامعة التي عقدت من صالة الإمتحانات بجامعة الخرطوم – وهي ندوة عنوانها دستورية حل الحزب الشيوعي – وقد مثل فيها الشيوعيون كل من المحامي عابدين إسماعيل والماحي أمين الشبلي، ومثل فيها رأي الجمعية التأسيسية كل من الدكتور الترابي ومحمد إبراهيم خليل. كانت المفاجأة أن هزم الشيوعيون واعوانهم في الندوة هزيمة منكرة أمام حجج ومنطق دكتور الترابي، وقد سجل ذلك الأستاذ بشير محمد سعيد صاحب جريدة الأيام في صفحتين متقابلتين بقوله(لقد سحرني الترابي). وكانت هذه نهاية محاولات الشيوعيون السلمية.
تطرقت بتفصيل لحادثة معهد المعلمين العالي لأنني كنت طرفاً فاعلاً ومشاركاً في كل هذه الأحداث.
لقد اكتسبت خبرة كبيرة في جامعة الخرطوم كانت زاداً مساعداً للنشاط الحركي بالمعهد، وقد اوكلت لي بعض المهام في جامعة الخرطوم، منها الإشراف على مدرسة الخرطوم الثانوية التي كانت تجاوز البركس وهي المناسبة التي ظل الرئيس البشير يكررها بأني شيخه وجندته بمدرسة الخرطوم الثانوية، وكل ما ذكر من أناشيد ورحلات تم من خلال هذا الإشراف.
الأمر الثاني، هو تكليفي بإنشاء تنظيم للأخوات المسلمات وحينها كان بالجامعة ثلاث أخوات فقط هن إحسان كامل زوجة الشهيد محمد صالح عمر، ودولت البوشي زوجة المرحوم د. أحمد عثمان أستاذ التاريخ بجامعة الخرطوم، والأخت حواء جمعة من شنقل طوباي.
إنضم اليهن بعض الأخوات منهن علوية عثمان من بنات النهود ورشيدة عبدالمطلب من بنات ام درمان.
ولما وجدنا أن العمل وسط الطالبة الجامعية التي انفتحت على مجتمع الاختلاط في قاعات الدراسة، وفي الأنشطة الثقافية والاجتماعية، وفي دار الإتحاد وقهوة النشاط وغيرها به بعض الصعوبة، لأن هنالك من يعمل على تمرد الطالبة على كثير من القيم والعادات الموروثة بحجة الحرية، قررنا أن نبدأ نشاطنا بالثانويات مبكراً بغرس المفاهيم الصحيحة عن الحرية والاختلاط، وأهمية التمسك بالقيم والعادات الجميلة التي تحفظ للمرأة حقها في الحياة وقيمتها في المجتمع، وقد نجح مسعانا بفضل الله، بعد إقامة عدة محاضرات في المدارس الثانوية بالعاصمة و الأقاليم.

نواصل

تعليقات
Loading...