في أدب السيرة.. الأستاذ ود الفضل يكتب :محطات في مسيرة الحياة (١٠)

الخرطوم :مرايا برس

أذكر في هذه المناسبة و استفادة من الخبرة أن جلسنا مع اكبر دفعة من البنات تقبل بمعهد المعلمين العالي ستةوعشرون طالبة أنا و الأخ فاروق عثمان قباني رحمه الله في ميدان النجيلة بالمعهد فجندنا من الست وعشرين تسعة عشر طالبة وكن من خيرة البنات اللائي اسسن مبادرات و سلوكيات في المعهد، كانت مفخرة لطالبة المعهد و خريجته والحمد لله رب العالمين.
ولابد هنا من الإشارة للقبول الواسع للطالبات الجامعيات لدعوة الأخوان و خاصة في سبعينيات القرن الماضي بتأثر واضح من طرح الشيخ الترابي في لقاءاته ومحاضراته ورسالته القيمة عن المرأة، والتي كانت بمثابة الثورة على التقاليد الموروثة والتي لا علاقة لها بصحيح الإسلام وعن نظرته للمرأة. هذا بجانب قيادة الشيخ حسن لثورة أكتوبر، بحديثه الجرئ في محاضرة بجامعة الخرطوم وبوجود عدد من قيادات نظام عبود، حينما قال أن حل مشكلة الجنوب في زوال الحكم العسكري، ثم في خطبته الحماسية في الجماهير التي شيعت جثمان الشهيد القرشي بميدان عبدالمنعم بعد الصلاة عليه والتوجه به لبلدته القراصة بالنيل الأبيض، وانطلاق المظاهرات التي كانت البداية لنهاية نظام عبود بثورة أكتوبر عام ١٩٦٤م.
لقد لفت نظري في الحياة الجامعية أن اخواتنا في التنظيم، كان جل نشاطهن سياسياً، خطابة ومحاضرات وندوات ومظاهرات وخدمات مما أهلهنّ لقيادة الإتحاد مرات عديدة، الأمر الذي أثر على عبادتهن وتلاوتهن للقرآن وعلاقاتهن الأخوية، وبعد مؤتمر بوادي سيدنا قررنا أن نهتم بالجرعة التربوية والروحية، وكانت المبادرة بصلاة الفجر جماعة في مساجد داخليات الجامعة وفي تلاوة وتجويد القرآن على يد المشايخ، الشيخ إبراهيم العباس بتوتي والشيخ يوسف إبراهيم النور بمسجده بامدرمان حي الملازمين، والذي كنا نختم فيه القرآن مرتين في الشهر، مرة بجامع توتي ومرة بجامع الملازمين مع الشيخ يوسف إبراهيم النور.
كانت دار الشيخ إبراهيم العباس بتوتي ملاذاََ لكثير من إخوتنا حيث يستضيفهم الشيخ إبراهيم بأريحية ويحببهم في تلاوة القرآن وتجويده. رحم الله مشايخنا في المسجدين، ورحم الله شيخنا مصطفى طيب الأسماء الذي أصبح امام مسجد الملازمين بعد وفاة الشيخ يوسف إبراهيم النور، مواصلاً لمشواره في التلاوة.
أذكر أنه في اليوم الذي خرجت فيه مظاهرة أمدرمان منددة بما تفوه به الطالب الشيوعي شوقي، طالب معهد المعلمين العالي، أن صديق يوسف إبراهيم النور كان شيوعياً وجرح في اقتحام الأنصار لدار الحزب الشيوعي ببيت المال، فسألت شيخ يوسف في حلقة التلاوة عن كيف يكون ابنه صديق في صف الشيوعيين وشيخ يوسف إبراهيم النور هو من هو علماً وخلقاً ومحاضراً بمعهد امدرمان العلمي. فقال:يا ولدي موسى الذي رباه فرعون مؤمناً، وموسى الذي رباه جبريل كافراً، فالهداية من الله(إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء).

تعليقات
Loading...