في أدب السيرة.. الأستاذ ود الفضل يكتب :محطات في مسيرة الحياة (٢)

الخرطوم :مرايا برس

الخرطوم :مرايا برس 

النشأة والبيئة.. 

تمتاز قرية البرسي بعادات إجتماعية مؤصلة مثل الكرم الذي سارت به الركبان والذي سمعنا العمات يتغنين به بقولهن(ضيفان من عشية وضيفان هوية ليل، ويا قسم الله تب جيب علوق للخيل). وبالمرؤة والنجدة التي حدثت في الصلح بين قبيلة الشكرية وقبيلة الكواهلة، حينما اتهم الشكرية الكواهلة بالتسبب في مقتل ابنهم (أحمد مرض يومين). كما أنها تمثل مركزاً ادارياً بوجود محكمة نظارة الكواهلة بها، ونقطة ارتكاز إداري لقيادات الحكومة حيث النزل ومقر جلسات الحاكم الانجليزي مدير المديرية تحت شجرة السدر الكبيرة التي عرفت بشجرة(كروفر) والتي كانت أمام فريق الدناقلة الحالي والتي شهدناها قبل أن يأتي عليها الدهر.
وللبرسي سمعة إجتماعية كبيرة يعبر عنها بقول مشهور(عرسة برسية أو قعدة كرسية)، ويحضرني في هذا المقام ما ذكره الأخ الكريم عمر عبدالرحيم بدر في جماعة من الإخوة عضوية المجلس الوطني وفي مناسبة إجتماعية ذُكرت فيها البرسي بقوله ( أن أحد مريدي الشيخ العبيد ود بدر سأله أن يرشده في ثلاثة مسائل. الأولى، آية من القرآن كافية وشافية، فقال له الشيخ ود بدر:(آية الكرسي) . والثانية، أن يدله على بلد يحفظ فيه القرآن فقال له الشيخ ود بدر: (ام دقرسي). والثالثة أن يدله على مكان يتزوج منه فقال له الشيخ ود بدر:(البرسي). ويدل على ذلك ما ذكره الأهل من روايات بأن عدداً من المشاهير تقدموا لخطبة بعض النساء، منهم على سبيل المثال الشيخ هجو ود الماصع اليعقوبابي الذي تقدم لخطبة جدتنا ست الجاه بت يوسف محمد علي ولم تتم الخطبة، والشريف يوسف الهندي الذي تقدم لخطبة عمتنا مكة بت الفضل ولم تتم الخطبة، والشيخ السماني الشيخ البشير الذي تقدم لخطبة عمتنا خديجة بت الفضل ولم تتم الخطبة، الشريف عبدالرحمن الهندي الذي تقدم لخطبة عجبت بت عبدالله ود يوسف ابنة عمتنا الرسالة بت الفضل ولم تتم الخطبة كذلك. وعللوا رفضهم بأنهم (لن يزوجوا بناتهم من رجال إذا طلقوا ما بتعقبوا وإذا غضبوا ما برجعوا)، و أصل الأمر في اعتقادي حينما نقارنه بحادثة أنهم لا يقبلون زعامة معهم في المنطقة أو أن يزوجوا بناتهم لمن يضطرون لخدمته في حله وترحاله مثل المشايخ الذين ورد ذكرهم آنفاً.
كما كانت البرسي قبلة لكثير من القبائل التي استوطنت بالقرية ولها فرقان معلومة سيأتي ذكرها ان شاء الله. وهذا مما يدل على الاريحية والتعايش السلمي والأمن والإستقرار والسمعة الطيبة التي امتاز بها أهلها.
ومما يدل على أهمية مكانة البرسي لدى السلطات الحاكمة اهتمامهم بالتعليم بالقرية، حيث فتحت اول مدرسة صغرى بها عام ١٩١٨م،وظلت تؤدي رسالتها على مستوى المنطقة إلى أن ترقت إلى مدرسة أولية عام ١٩٥٤م،وعرف الشيخ المرضي من كردفان كأول ناظر لها، كما ارتبط التعليم بالقرية بالشيخ ابن القرية محجوب محمد فضل المولى، الذي ظل ناظراً لها حتى ترقت لاولية، كما بدأ تعليم البنات عام ١٩٥٩م، بمدرسة صغرى تحولت إلى أولية فيما بعد. 

تعليقات
Loading...