قصة معمر سوداني صافح الإمام المهدي.

خالد البلولة

????معاناة الوصول..
الطريق إليه كانت وعرة وشاقة، في الربع الأول من عام 2009م، بدأت المعاناة بعد مغادرة مدينة الفاو شرق السودان بقليل حيث قطعنا مسافة لم تزد عن المائة كلم في أربع ساعات ونيف بإتجاه مدينة الحواتة، بعربة الدفع الرباعي (لاند كروزر)، فرداءة الطريق لا تخطئها العين وذلك لأجراء مقابلة مع معمر سوداني المعلومات التي تحصلنا عليها تشير الى انه أكبر معمر سوداني.
يقول خميس عبد الله إبراهيم محمد أن عمره «146» عاماً. وأكدت ذلك لجنة طبية بمستشفى القضارف التعليمي، تكونت من مجموعة من الإستشاريين في تخصصات مختلفة بأن عمره «140» سنة أكملها في العام 2008.
سجلنا زيارة له، في قريته كوكا بريفي محلية الحواتة، وتبعد مسافة نصف ساعة بسيارة الدفع الرباعي غرب مدينة الحواتة.
يعتقد خميس عبد الله. قناعة لا تشوبها ردة، أنه ولد بقرية كجا الحرازة بدار مساليت بالقرب من مدينة الجنينة بغرب السودان وأنه كان شاهد عيان على زيارة الإمام محمد أحمد المهدي في كردفان بعد فتحه مدينة الأبيض مع وفد من دار مساليت، لتهنئته بإنتصاره على الأتراك وفتح الأبيض ويتذكر أنهم جاءوا على ظهر الخيل في 12يوماً ويبلغ يومذاك من العمر يومذاك «18» سنة.
????مقابلة المهدى مع وفد المساليت..
يحكي خميس عبد الله عن زيارة الإمام محمد أحمد المهدي: لاقيت المهدي، سلمت عليه في يدو ومعانا جماعة كبار من دار مساليت. الآن كلهم انتهوا(ماتوا) وفي الأبيض نزلونا في المنزلة. وضيوفنا وقابلنا الخليفة عبد الله وشيخ الجماعة أرنوق أسمه عبد الله النور.
حاولت اختبار ذاكرته (بعد أن قابلت عبد الرحمن المهدي في الأبيض حصل شنو؟!) قال بثقة تامة (قلت ليك قابلت الإمام المهدي الكبير، أبو عبد الرحمن والصديق!! عبد الرحمن المهدي ده جنا المهدي الصغير).
ماذا قال لكم المهدى وفد دار مساليت؟
(قال لينا أنا عافي منكم، وربنا يقدركم وتبقوا على الثبات، أنتو أرجعوا داركم. وأنا مقبل على أم درمان.)
هل تتذكر شكل الإمام المهدى؟
حاول خميس أن يرسم صورة ذهنية للأمام محمد احمد المهدي، بعد أكثر من مائة عام من وحي المقابلة التي تمت في الأبيض ونحت ذاكرته وقال: (طويل الوجه، لم يكن قصيراً ولا طويلاً. دقنه صغيرة، كلامه شوية ما كتير)
????ذكريات دار مساليت..
بدأ خميس مسترسلاً. وهو يحكي عن ذكرياته في دار مساليت وأهم سلاطينهم ومن منهم نديده قال (أبكر أندوكا أكبر مننا، وسلطان دار مساليت كان تاج الدين، نحن ما بنلعب مع أولاد السلاطين. هم يلعبوا براهم في ديوان أبوهم. ونحن المساكين لعبنا برانا، وهم بقروا في المدرسة، ونحن بنقرأ التقابة
جاء خميس للجزيرة أبا وقضى فيها ثلاث سنوات. وكان يومذاك أبناء الامام المهدي صغاراً يدرسون في المدرسة. (أحياناً يقول الجامع) (أنا قعدت في الجزيرة أبا ثلاثة خريف وكان عبد الرحمن والصديق والهادي أولاد صغار!
????خميس والسكة حديد..
التحق خميس عاملاً بهيئة السكة الحديد حيث أسهم في إنشاء ردميات السكة الحديد، وبدأ عمله في محطة السكة الحديد بالحصاحيصا وقال (لم تكن الحصاحيصا مدينة تذكر يومذاك واشتغلت في ود الحداد. وود مدني السني. . ويتذكر أن بركات لم تكن في حيز الوجود يومها ولم تكن ترعة مشروع الجزيرة قد حفرت والوابورات يا دوب شغالات في المشروع (. ويتذكر ايضا عمله في خزان مكوار «سنار» وقال إن العمل بدأ بأنشاء العلب (الأعمدة) ولا ينسى واقعة وفاة خاله «عندي خالي كان يعمل معي وقع في واحدة من علب الكوبري وحاولنا إنقاذه ولم نستطع وكلمنا الخواجة فقال لنا: (إذا ما بطلع حي كبوا الاسمنت فيه) وشهدت تأسيس كوبري خزان مكوار «سنار.
????إستقراره في الحبشة..
يروي خميس تجربته في الحبشة حيث قضى بها أكثر من (27) عاماً تزوج فيها بامرأة حبشية ورزق منها بثلاثة أطفال «ولدين وبنت» ويعتقد أن حياته في الحبشة كانت مفيدة ومستقرة.
وبعد قيام الحرب العالمية الثانية وإستعمار إيطاليا للحبشة لم ير من يومها زوجته وأبناءه وذهب للمشاركة في الحرب في موقعة كرن وهناك أصيب في بطنه وأجريت له عملية جراحية مازالت آثارها بادية على جسده.
وبعد الحرب العالمية الثانية استقر خميس عبد الله بمنطقة تقع غرب الحواتة على نهر الرهد، كانت مشهورة بشجر اسمه الكوك ويعد أول من استقر بتلك المنطقة وأخذت إسمها من شجر الكوك.
????تجربته مع الزواج..
تزوج خميس بتسعة عشر امرأة منهن «18» امرأة سودانية، وأول امرأة تزوج بها كانت من الحبشة ما زال يحن اليها بعد أن فرقتهم الحرب ويرى خميس أن المرأة الحبشية زوجة مثالية وست بيت (المرأة الحبشية تأكلني في خشمي، وكلامها سمح وما بترفع صوتها. وما بتفوت إلا تقول ليها أمشي، أما السودانية «سكت قليلاً » وقال (الحمد لله).
ولا ينصح خميس بالزواج بالمرأة العاملة في السوق وقال (إذا داير إمرأة للعرس، ما تعرس إمرأة تعمل في السوق، عرس إمرأة تشتغل في الحواشة، والمرأة الما بتسمع الكلام تخليها طوالي، وكل ما تمشي بكان تعرس زوجة غيرها. ????الحنين الى دارمساليت..
سألته عن بعض الأحداث التي ظلت بذاكرته وهو طفل صغير وحتى اتيقن من صحة تاريخ مولده تزامناً مع الاحداث النى وقعت يومذاك (أتذكر مقتل السلطان إبراهيم قرض في منواشي والزمن داك كنت وليد صغير عمري سبع او ست سنوات تقريبا).
ويتحسر خميس عبد الله إبراهيم على أيام زمان في دار مساليت قائلاً: («زمان النفوس صافية، والجيران طيبين الأكل مع بعض في مكان واحد، نأكل مع كسرة دامرقا» والنقارة تضرب والنسوان ينططن ويرقصن والله «15» يوم ما تشوف بيت أمك. وقال بحسرة بائنة: يا سلام زمن وبلدنا زينة، الشجر أي حاجة فيه إذا داير بتأكلها. المنقة والبرتكان)
قلت له زمان سمعنا كانت في مجاعة!
قال خميس: دي مجاعة سنة 6 والله ده زمن كعب، نسوانا ما عندهن قطن، والله يلبسن الفروة يغطن بيها جسمهن. واكلنا صفق الشجر. من شدة الجوع.
قلت له يعنى زمنا أحسن من زمنكم ؟!!
قال «لا، زمنكم كعب، حكومة كان انقلب ما تاييدو. وتجو تقلبوا من فوق تأنى، نحن أيدنا عبد الحميد صالح مرشح حزب أمة بس. عشان أنا انصاري للأمام المهدي.
????خميس في القضارف..
آخر مرة زار فيها خميس عبد الله مدينة القضارف في عهد الرئيس عبود 1958 ويحكي عن ذكرياته فيها قبل ذلك فقال: «القضارف دي كانت ما في كانت هناك قرية أم شجرة وديم بكر وتذكر ان الفنانة عائشة الفلاتية كانت في القضارف…!
بدأ خميس مندهشاً وهو يتجول في منزل الاستاذ علي البدوي بالقضارف. وظل يسال ويستفسر عن هذ المبنى العالي وبناء السلالم الخاصة به وطريقة الصعود عليها وصعد به الى الطابق الأول وبلغ به الإعجاب مبلغاً عجيباً ، ونظر من عل الى الواقفين في الأرض واخذ يردد (سبحان الله، سبحان الله، الله اكبر ولله الحمد) وعند وضع صينية الطعام التي اشتملت على ما لذ وطاب من الطعام، بدأ خميس يستفسر عن الطعام، فأمسك بقطعة من التفاح وسأل (البندورة حقتكم قوية خلاص) وشرح له أنها فاكهة تسمى التفاح وإزداد إعجابه وقال متعجبا «(والله يا جماعة أنا دخلت الجنة قبال أموت)
خميس عبد الله الذي يعمل خفيراً في مزرعة عز الدين عبد الرحمن المحامي بقرية كوكا بمحافظة الحواتة، أقرت لجنة طبية مكونة من مدير القسيون الطبي بولاية القضارف وإختصاصي للجراحة والعظام والعيون وإختصاصي للطب الشرعي أن عمره 140عاما ورغم ذلك احتج خميس لإختصاصي الطب الشرعي د. بابكر مدير الطب الشرعي بولاية القضارف قائلاً: «دكتور ما تظلمني أديني حقي. أنا عمري «146» سنة. !!!!

تعليقات
Loading...