مالك محمد طه يكتب : التفريط أيضاً جريمة.

الخرطوم :مرايا برس

السمة العامة لتعامل الحكومة الانتقالية مع كل الإضطرابات الأمنية في الشرق ودارفور وجنوب كردفان هو التجاهل.
آلة الموت تدور بالتناوب بين كسلا وبورتسودان وأحياناً القضارف منذ أكثر من عامين، أطراف النزاع تتكرر واحيانا تتعدد، والسلطات تكتفي بوجود رمزي او شرفي لا يمنع من إعادة إنتاج الأحداث والمأساة.
في دارفور احترقت الجنينة أكثر من مرة وحصد الرصاص العشرات وجرح مثلهم وفر آخرون من جحيم الرصاص إلى جحيم المجهول، وانتقلت الجريمة كمسرح متجول من مكان إلى مكان.
جنوب كردفان استعر فيها القتال إلى أن وصل مرحلة المثلة وتشويه الجثث، وكانت الصور في السوشيال ميديا بمثابة بلاغ من محتسب لما يجري في كردفان.
هناك تساؤلات في الشق العدلي: هل يمكن أن تقع كل هذه الجرائم في بورتسودان وكسلا والجنينة وجنوب كردفان دون تحقيق، وهل يعقل أن يموت عشرات الضحايا دون بينات أولية تشير إلى متهمين؟
وهناك تساؤلات سياسية: هل الحكومة غير قادرة أم أنها غير راغبة في التعامل مع الصراع الدامي شرقا وغربا وجنوبا؟.ام أنها لا تملك الرغبة ولا القدرة معا؟.
أي إحتمال من هذه الاحتمالات يجعل الحكومة في موضع الاتهام السياسي بل والجنائي اذا كان وقف إزهاق الأرواح امرا تسطيعه .
الفعل المميت(خارج القانون)
مجرم، وكذلك الامتناع عن إنقاذ الأرواح او الإهمال في الحفاظ عليها، او التهاون في حمايتها.
ان الحكومات لا تحاسب فقط لاستخدامها العنف المفضي إلى القتل بحق المواطنين، ولكنها تحاسب أيضا لعدم استخدامها ما يلزم لوقف نزيف الدم وازهاق الأرواح، وتحاسب على التقصير في القيام بواجبها في حفظ الأنفس والأموال.
واذا تقرر ان الامتناع عن الفعل الذي من شأنه إنقاذ الأرواح جرما محرما بالقانون اذا كان الممتنع قادرا على ذلك، فإن العجز وعدم القدرة على الفعل ليس عذرا ، فالواجب في هذه الحالة أن يفسح العاجز المجال لغيره من القادرين. لان العجز عن القيام بالواجب هو من أقوى لوازم إسقاط التكليف.
الشعور القوي او الطبيعي الذي يتملك الضحايا في كل هذه النواحي هو ان الحكومة متواطئة مع الجناة.
لقد عبر أصحاب هذا الشعور بكل وضوح في بورتسودان وكسلا والجنينة.
وبما أن هذه الجرائم المتكررة لم تعرف اجراء قضائيا او عدليا يحدد من المتهم ومن الضحية، فإن الصراع سيستمر وفي خلد كل طرف أنه مظلوم ولابد له من أخذ حقه بيده لا بيد الحكومة.

تعليقات
Loading...