محمد حامد جمعة يكتب:حيا الله البطاحين

الخرطوم :مرايا برس

هذا الحساب سيظل ويبقى على إيمانه و صاحبه بأن هذا الشعب _ جميعه_ مظنه خير عظيم . لا أقدم جهة على أخرى . الكل كفرس الرهان (تشابي) للمكارم فتتساوى . البعض يسبق والذي يتاخر يلحق . وبهذه القناعة سأوقف قلمي لما يشد امشاج الأعراق الى رحم الوطن الفسيح ليتخلق ولو بعد حين بلد بلا ضغائن وثأرات والتي حتى إن وجدت عند البعض ستكون خاصة بملتزمها كفرد . لن يغلب فرض التعميم الضار أصيل الطبع الصالح الذي عليه أغلبية هؤلاء السمر . معسرون وطبعهم جميل . غضوبون وتسامحهم وفير . ففي اقصى لحظات غضبهم قد يسكتهم نداء للصلاة على النبي او مناشدة فاضل واصل الرجاء بين الناس
2
وان كان من ميل فطري _ ولا املك من الامر فيما لا املكه _ وربما للامر صلة بجذوري البدوية فهو ودي لاهل الفراسة والكرم . والمقامات الجسورة بالرجال . وهذا في بلدي بحر عريض وهدار . هم في الغرب والشرق والشمال والوسط والجنوب الحديث بل والجنوب القديم الذي هو باق وإن انصرف بخيارات الوقائع . وعلى بعدي عن التخصيص اجد نفسي اليوم بحاجة للتنويه باهلنا البطاحين . زاملت وجاورت ورافقت رجالا منهم . كانوا مثل نبع الماء الزلال صفاء . ومثل الذهب المجمر غلاوة . فرسان خيولهم معقودة للخير وحكمة كلما أحاطت بها الطارئات تجلت . هم ليسوا في حاجة لمدحي . فسبقهم معلوم واصلهم مركوز في الحكايات والتواريخ والسير التي أضاف اليها اليوم الشيخ عبد الله بلال بشرق النيل مشعلا من النور يضيئ به قسمات ملاحم الشيم العظيمة التي لها في الدين أساس وقواعد . فكانما الرجل يقيم (ومن عفى وأصلح فاجره على الله) وهو يعفو لوجه الله العزيز عن قاتل أبنه . حدث يراه من لم يعرف طعم الابوة بعض ما ترفد به الايام أسماع الحكايات . لكنه فعل رجل جبل . ومؤمن قرآني القناعات . وسوداني بزت افضلية الخير فيه نوازع متاح القصاص الذي حتى في هذه الحالة هو حق لا يصادم القانون والشرع والاعراف لكن الرجل لعطاء المجزي الذي تكفل بالاجر الابقى .
3
هذا الرجل بلا هتافيات . وخطب مطولة اختصر الامر في منشط عرفاني مهيب . ذهب لحراسة الشرطة يحمل إفطاره . وعفا عن قاتل فلذة كبده . اكرم المكان والحضور وصافح المعفي عنه واغلب الظن انه خرج الى حياته يتزود للايام بساعات انس قديمة مع ابنه الفقيد . هذا رجل يستحق ان ترفع له القبعات وان تطوى امامه مسافات السعي حيث اراد لانه ببساطة منح الحياة العلامة الكاملة باسقاطه مرارات التحيز للدم الذي صار عنده سقيا للفداء . فداء الموت بالعفو والتسامح وإطلاق روح لا اشك ان ما حدث سيضعها على بدايات جديدة . حق للبطاحين الفخر بهذه الشهامة وحق للسودانيين تحسس جوانبهم النابضة امامهم وان ضلوا مرات من ادراك سكنات اجمل ما فيهم ..احبتي وسعوا جوانب الشوف ..شوفو تصحو ..وحيا الله أهلنا البطاحين وطيبهم أيامهم . والله ما عرفناهم إلا بذاك الشموخ المماثل للجبال .ويد معطاءة مثل زخات المطر الحنون حيثما وقع نفع

تعليقات
Loading...