محمد طلب يكتب : فيفي بالشوفان وبرجس بالسكر

الخرطوم :مرايا برس

وجد مقالي البارحة تفاعلاً كبيراً من الذين اطلعوا عليه وصب بعضهم كثير من الغضب على المقال واتهموني بظلمي للبرنامج ومقدمته الباسمة (فيفي)

مقالي لمن لم يطلع عليه تحت عنوان (شفتوا الشيف فيفي والشوفان). 
(يمكنكم البحث عنه) … قالوا ماذا كنت تريدها أن تفعل كمقدمة لبرنامج يهتم (بالمطبخ) لن ارد عليهم إطلاقاً الا انني سوف اعيد عليهم مقال تم نشره على الاهل والأصدقاء بالعيلفون في قروباتهم بعنوان (برجس بالسكر) دون أي تعديل أو إضافات (برجس) هو لقب لذلك الطاهي الماهر (مصطفى الشيخ ادريس خالد) و والدته (كلتوم بت خير) من أهلنا بالعيلفون و اشتهرت والدته ايضاً باسمه (كلتوم برجس) ولهم من الملح والطرائف ما تضيق به هذه المساحة… كان عليه الرحمة يملك مطعم بالعيلفون يطهي الفول والطعمية والفتة ويبيعها وهو مبدع جدا ابتدع وجبة أطلق عليها اسم برجس بالسكر إليكم ما كتبته قبل سنوات حتى نتعرف على الإبداع الذي عنيته وكيف تقتل المحلية الإبداع والمبدعين في أي مجال… إلى المقال:-

برجس بالسكر عين الابداع.. 

بالامس القريب عندما حدثت أزمة خبز طارئة نسبة لانقطاع الكهرباء بسبب الامطار كانت شخصية برجس عليه الرحمة تسيطر على مخيلتي وانا غدواً ورواحاً ابحث عن الخبز وكأنه لا يوجد بديل لهذا الكائن الذي يُسقط الحكومات ويبني قادة الثورات رغم انه ليس الغذاء الرئيسي لأهل السودان ….رحلت بخيالي إلى السبعينات من القرن السابق ذات صباح خريفي وفي (عينة) من (عينه) ذات الامطار الكثيفة المتواصلة قطعتنا عن زلابية (التوان وكنانة) …. وهن (كنداكات) نعود لهن لاحقاً…في ذاك الصباح لمحت امي تهز (كانونها) وبقانونها تأمرني ان (اهبب) بعد ان وضعت فحمات (طازجات) على الجذوة النائمة …ومشددة عليّ بعدم التوقف لحين عودتها من (حيطة الغنم)او كما كنا نسميها …الغريب في الأمر أن امي تستخدم كانوناً واحداً والذي أوكلت به الآن هو إضافة وزيادة عن المعتاد
يا ترى ماذا يدور بخاطرها !!؟
وما هي إلا لحظات حتى أتت بماعون وضعته على النار وصبت عليه قليلا من الزيت ووضعت قطعاً من الخبز الجاف ……لم اشاهد بقية تفاصيل ما قامت به لإني ذهبت للعب مع اخواني …وسرعان ما نادت علينا (للشاي اب لبن) وتفاجأنا بوجبة لذيذة دسمة مع (كباية شب) من الشاي (المقنن) وفضول الطفولة دعانا للسؤال عن تلك الوجبة فكان الرد (برجس بالسكر)ولم نكن وقتها نعرف من هو برجس واعتمدنا (برجس بالسكر) كوجبة تتفوق على الزلابية لانها مشربة بالسكر وأصبحنا نصر على الوالدة (عليك الله سوى لينا برجس بالسكر) ونسبة لقلة (سكر التموين) في تلك الأيام فقد كانت برجس بالسكر وجبة استثنائية رائعة …إلى تلك اللحظة لم نستوعب هذه (الماركة المسجلة) و مثلما كنا ندخن( البينسون) من أعقاب سجائر عمنا عبد الكريم الأمين عليه الرحمة ولا ندري من هو بينسون الى ان علمنا فيما بعد شراكة (بينسون اند هيدجز) الا ان برجس لم يكن له شريكاً في (علامته التجارية (هذا ما عرفناه لاحقاً)….فقد علمنا ان الرجل ابتدع من بنات أفكاره هذه الوجبة … وبعد ان دارت بنا الحياة وتبادلتنا المهاجر وأصبحنا نتعمق الاشياء اكثر واكثر ونقارن ونقارب اكتشفنا ان برجس مبدع لا يقل ابداعاً عن ملاك الوصفات السحرية والعلامات التجارية المميزة من أصحاب سلسلات المطاعم العالمية مثل الكنتاكي وماكدولنز وهارديز وغيرها….اقسم بالله ان الرجل اكثر منهم إبداعاً وابتكاراً…..ولكن…!!
وينطبق عليه المثل القائل (يخلق من الفسيخ شربات)ولكم ان تتخيلوا المسافة بين الفسيخ والشربات …..
برجس عليه الرحمة اداري يعرف جيدا إدارة الموارد وهو علم كبير ويعلم جيدا كيفية الوصول للفائدة القصوى من الموارد المتاحة …بل هو مطور في إعادة التدوير خلق خطاً جديدا في الاستفادة من بقايا الخبز الجاف التي كانت تترك لتتعفن او في احسن الأحوال تترك للبهائم والطيور …..برجس عليه الرحمة اضاف منتج جديد في خطوط إنتاجه بالإضافة للفول والطعمية وغيرها …و تفنن بطرافته وطريقته الخاصة ان يروج للمنتج من خلال الاسم برجس بالسكر وهذه لعمري مجموعة علوم وفنون تدرس الآن بالجامعات كسبها الرجل بفطرته وتفكيره السليم ….رحم الله العم برجس رحمة واسعة … الان تقوم كثير من ماكينات التجفيف والتحميص والتحلية والافران الكهربائية بما كان يقوم به برجس بين عشية وضحاها…. و (بالمتاااااح) من تحميص بقايا الخبز بعد تشذيبها تشريبها بالسكر المحروق دون تعب او عناء وزيادة التكاليف

يا ترى كم برجساً فقدنا بنظرتنا السطحية للاشياء؟. 

وربما يسأل أحدهم وما علاقة كل ذلك بما يحدث في السودان؟
نترك لكم الاجابة عليه ..بعد تناول وجبة برجس بالسكر..

انتهى المقال ورحم الله عمنا المبدع جداً برجس والان اترك لكم المقارنة بين عمنا برجس وإبداعه مقارنة بما نراه ويستفزنا جدا في التلفزيون وكل برامج الطهاة المحترفين من السودانين والسودانيات
وأخيراً ربما تستغربون لو قلت ان هذا المقال يصلح لخطبة الجمعة لكن معظم ائمتنا طهاة للسياسة والأحزاب العقائدية اما (برجس) فيطهو ويبدع للغلابة (برجس بالسكر) رحمه الله رحمة واسعة

سلام

تعليقات
Loading...