نوال خضر تكتب:الرحيل المر.. دموع الورد

دموع الورد:مرايا برس

فجعت الأسبوع الماضي برحيل العم كامل كما يحلو لي دائماً أن أناديه، وماذا اقول عن العم كامل وانا التي اتخذت من الكلمات صنعتي .. ولكن تتقاصر الكلمات حين يرتبط الأمر بالرحيل والمشاعر، فالعم كامل للذين يعرفونه هو أبو الغابات وهو أول مدير عام للغابات بعد السودنة، وهو ابن أم درمان البار والرجل الوطني الغيور، لكنه بالنسبة لي هو ذلك الحب الذي نما دونما مصالح ، فقد عرفته وهو يخطو أولى خطواته نحو التسعين ومن خلال قربي منه ومعرفتي اللصيقة به وأنا أوثق سيرة حياته أحببته وكأنه أحد أفراد عائلتي ولن أكون قد بهته وهو الغائب إن قلت أنه بادلني الحب فالمقربون منه على مدى سنوات عمره يعلمون تماماً أنه لايجامل ولايخشى في الحق لومة لائم كما أنه لايسمح لأي شخص كائن من كان أن يعبث بأوراقه او يحرك شيئاً من محله أو يفرض عليه شيئاً ولكنه سمح لي ، وأن هذا يجعلني أقول أنه بادلني الحب وإلا لم يكن ليوصيني من دون العالمين جميعاً أن أكمل مابدأناه من رحلة التوثيق التي زهد فيها عمره كله رغم المحاولات العديدة من عدة جهات حتى تخرج للملأ وأشهد الله أني لن أخذله مادمت على قيد الحياة .

وفي غمرة حزني ودموعي لم تجف بعد فإذا بالموت يفجعنا مرةً أخرى برحيل د محمد علي الهادي مدير عام الهيئة القومية للغابات بعد ثماني أيام فقط من رحيل العم كامل وكأنهما كانا على موعد للقاء في العالم الآخر بعيداً عن هذه الدنيا الفانية، وإني إذ بكيت هذا الرجل فأنا لم أبك منصب المدير العام للغابات وإنما بكيت أخلاقاً تمشي بين الناس، نعم محمد علي الهادي كان أخلاقاً تمشي بين الناس فللرجل طيبة وحسن معشر يستحق أن يحسد عليها، رجل من كثرة التسامح لم أره يوماً غاضباً، لايعرف الخلاف والإختلاف لايعرف الغيبة او النميمة لايسب ولايشتم ، وكنت اقول عنه غفر الله لي وله (محمد علي الهادي على قول حبوباتنا زي الكسرة بالموية لابتغلت عليك لا بتوسخ يديك) وكان كذلك لايعرف الزعل ولا تستطيع أن تزعل منه كل ما كان يرجوه من هذه الدنيا أن يعيش بسلام ويرحل منها بسلام.. وهاهو قد رحل منها بسلام كما كان يتمنى ويرجو .. وقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (إن الموت لينتقي خياركم كما ينتقي أحدكم التمر). اللهم إنا نشهدك أنهم خيارنا فأقلبهم عندك من الطيبين وانزلهم منازل الشهداء والصديقين والزمنا الصبر على هذا الفقد العظيم ولا نقول إلا مايرضي الله (إنا لله وإنا إليه راجعون ).

تعليقات
Loading...