نوح السراج يكتب:في ذكراه العشرين.. سيد خليفة. خمسون عاماً من العطاء.

الخرطوم :مرايا برس

مرايا برس

الفنان سيد خليفة..خمسون عاماً من العطاء.نوح السراج

يصادف الثاني من يوليو الذكرى ال 20 لرحيل المطرب سيد خليفة .. واحياءً لهذه الذكرى نسطر لمحات قصيرة من حياته الفنية .
ولد الفنان سيد خليفة في العام 1933 بقرية الدبيبة في منزل كان للدين والثقافة العربية الجانب الاكبر في تكوينه – في هذا البيت الديني نهل اولى معارف الحياة في تلاوة القران الكريم والاستماع للمدائح النبوية وكان سفره للقاهرة عام 1951 لالتحاقه بالازهر الشريف سببا في دراسته للموسيقى التي احبها منذ بداية الاربعينات عندما كان طالبا بالمدرسة الاولية وترديده للاناشيد المدرسية – كان لوصوله القاهرة متأخرا عن فترة بداية الدراسة سببا في بقائه عاما كاملا دون دراسة واستطاع بعض السودانيين الذين استمعوا اليه في جلسات خاصة يغني بعض الاغنيات مثل ( متى مزاري – نظرة يا السمحة ام عجن ) التأثير عليه واقناعه بان تعليم الموسيقى بالنسبة الى موهبته افضل من التعليم في الازهر وكانت حجتهم ان من الممكن ان يكون هناك كثير من العلماء والقضاة ولكن من النادر ان تكون هناك موهبة فنية مثله فأستجاب لاقتراحهم والتحق بمعهد الموسيقى العربية بالقاهرة وكان قد سبقه الموسيقار اسماعيل عبد المعين الذي افاد سيد خليفة كثيرا اذ تغنى بعدد من الحانه في بداية حياته الفنية – بدا نجمه يلمع في جمهورية مصر العربية وتعرف على عدد كبير من المشتغلين بالوسط الفني مثل محمد عبد الوهاب والموجي وكمال الطويل واحمد فؤاد حسن الذي كانت فرقته تصاحبه هو واسماعيل عبد المعين في جميع تسجيلاتهما وحفلاتهما قبل ان يكّون فرقته الماسية اذا كان في ذلك الوقت مغمورا – بعد ذلك تعرف على العديد من الفنانين المصريين وشارك في العديد من الحفلات الغنائية وكانت من الاغنيات المحببة والمطلوبة في تلك الحفلات اغنية ( أزيكم كيفنكم ) – وهكذا بدا نجم سيد خليفة يسطع في سماء القاهرة وبدا يشارك في حفلات اضواء المدينة مع نجوم الغناء المصري كما شارك بالغناء في العديد من الحفلات خارج القاهرة ,كما شارك بالغناء في عدد من الافلام السينمائية المصرية .
بعد سبع سنوات من الاقامة في مصر حصل سيد خليفة على دبلوم الموسيقى في معهد الموسيقى العربية ليعود الى وطنه ليبدا مسيرة من التألق والنجاح – وبعد العودة الى ارض الوطن انضم الى مجموعة من أصدقائه الذين كانوا جميعا عازفي عود وكان هو مطربهم وقد الح عليه هؤلاء الاصدقاء ان يتقدم لاجازة صوته في الاذاعة وانضمت اليهم مجموعة اخرى من بينهم العميد احمد المصطفى وكانوا قد استمعوا اليه من خلال الحفلات  ( اضواء المدينة ) الغنائية الذي كانت تبثها اذاعة القاهرة واستمعوا اليه ايضا من خلال الاغنيات التي كانت تبثها بصوته اذاعة ركن السودان بالقاهرة , وبالفعل تقدم للاذاعة لاجازة صوته واجيز صوته , وهكذا اذا انطلق سيد خليفة من القاهرة معتمدا في بداياته الفنية على الاغنيات التي نظمها له الشاعر عبد المنعم عبد الحي ( يابانه – يا قماري – فتى الوادي ) وكانت تلك من اوائل الاغنيات التي قدمها سيد خليفة في بداية مسيرته الفنية .
وعندما بدا سيد خليفة يوطد اقدامه في عالم الغناء والطرب كانت الاصوات المعروفة قليلة العدد وبدأ سيد نشاطه بلونه الخاص به بتلك الرنة الحزينة في صوته ولا شك في ان تشجيع ابن قريته المطرب احمد المصطفى ازال بعض العقبات التي واجهها وسخّر سيد خليفة مواهبه لاجتذاب جمهوره فكان يجيد التعبير الحركي عند الاداء على المسرح وكان من اوائل المطربين الذين خاطبوا الجمهور مباشرة اذا كان يتحدث الى سامعيه ويحضهم على التجاوب مع الغناء ويصور لهم معاني كلمات اغنياته بما يقربها الى عقولهم وافئدتهم – سخرت الاقدار له ان يقابل اثنين من الشعراء الذين زادوا اسلوبه في التلحين والاداء الصوتي توطيدا وترسيخا اولهما الشاعر ادريس محمد جماع الذي تغنى له سيد خليفة بأغنيات  ( غيرة – في ربيع الحب – شاء الهوى ) – والثاني هو الشاعر حسن عوض ابو العلا الذي كتب له اغنية  المني حنان  واغنية  امل  و اسراب الحسان والعديد من الاغنيات الاخرى , وغنى سيد خليفة بعد ذلك لنابغة شعراء السودان التجاني يوسف بشير ( انشودة الجن ) وغنى ايضا لمحمد يوسف موسى الاغنية الرائعة ( صوت السماء ) وغيره من شعراء الغناء السوداني . واستغل سيد خليفة ثقافته ودراسته الموسيقية وعلاقاته الوطيدة مع الاذاعين والموسيقين في مصر فسجل بعض اعماله الغنائية بمصاحبة فرق موسيقية مصريه فخرجت مزجا فريدا بين طابعي الغناء المصري والسوداني خصوصا اغنيتيه ( خاصمتني و صوت السماء ) .
تعلم سيد خليفة العزف على الة العود والبيانو منذ دراسته في معهد الموسيقى العربية في القاهرة – كان سيد خيفة يدرك ان التنوع مفتاح النجاح في فن الغناء لذلك سعى الى عدد من الشعراء الغنائيين فتعاون معهم وعزز اواصر الصداقة مع الملحن المقتدر برعي محمد دفع الله الذي زوده عددا من الالحان التي بقيت بعد اكثر من نصف قرن من مولدها تأسر مسامع الشيوخ و الصغار والتفت سيد خليفة الى الاثر الخطير للغناء في تعزيز التلاحم الوطني في بلاد تتعدد ثقافاتها واعراقها واديانها فأختار عددا من الاغنيات الحماسية والوطنية فزادت بذلك شعبيته الى درجة كبيرة وانتقى ايضا عددا من القصائد المنظومة بالعربية الفصحى من نظم كبار شعراء العربية في السودان كالتجاني يوسف بشير وادريس جماع ليطلق بذلك تنافس بين المطربين ادى الى تعزيز الرابط بين الغناء واللغة والتعليم والادب , وكان سباقا بحكم اقامته في مصر الى تقديم اغنيات خفيفة ميسورة الفهم لتعريف غير السودانيين بالاغنية السودانية وبدأ ذلك بتقديم اغنيته الاكثر شهرة ( المامبو السوداني ) التي كتبها الشاعر عبد المنعم عبد الحي خصيصا ليشارك بها في فيلم ( تمر حنة) الذي قامت ببطولته الممثلة نعيمة عاكف , كما قدم اغنيته الشهيرة ( ازيكم كيفنكم ) للشاعر اسماعيل حسن التي وجدت ذيوعا منقطع النظير في العالم العربي وبلدان القرن الافريقي ونجح سيد خليفة في استقطاب اعجاب مستمعيه من غير السودانيين بأدائه المميز على خشبات المسارح معتمدا على جمل موسيقية غير معقدة وغير مطولة , وغنى سيد خليفة للوطن بأسلوب سهل محبب الى القلوب ( يا وطني يا بلد احبابي ) وغيرها من الاغنيات الوطنية الاخرى .
تغنى بكلمات عدد كبير من الشعراء نذكر منهم غير الشعراء الذين وردت اسمائهم في صدر هذا الموضوع الشعراء الصادق الياس ( امال في الرمال ) – سيف الدين الدسوقي ( اعود من غربة لي غربة ) – حسبو سليمان ( اعمل ليك ايه – ما كنت مفتكرك جميل  ) – هاشم صديق ( النهاية ) – السر دوليب ( زيدني من دلك شوية )– علي شبيكة ( زهرة الليلاك ) – صلاح احمد محمد صالح ( يا مسافر وناسي هواك ) , وغنى للشاعر اسماعيل خورشيد ( داري عينيك – يا فرحتي زيدي كيدي ) و حسين عثمان منصور ( ليل وكأس وشفاء ) –وتعامله مع هؤلاء الشعراء يؤكد ان سيد خليفة نجح في اختيار كلمات اقل ما توصف بأنها اخترقت اذان المستمع بل وجعلته اسيرا لها خاصة اذا وجدنا انه زاوج بين اختيار الكلمة وبراعة اللحن الشيء الذي جعل اغانيه تتغنى بها كل الاجيال . يرحمه الله رحمة واسعة .

تعليقات
Loading...