نوح السراج يكتب : في الذكرى السابعة لرحيل ساحر الكمان محمدية.

الخرطوم :مرايا برس

كتب اسمه بحروف من نور في تاريخ الموسيقى السودانية والعربية…

يصادف شهر يوليو مرور الذكرى السابعة لرحيل ساحر الكمان محمد عبدالله محمدية.. وتقديرا وعرفانا لما قدم نستعرض بعض السطور من مسيرته الفنيه..

بدأت مسيرة محمدية الموسيقية بعزف آلة الصفارة حيث كان الجميع يستمعون إليه بشغف شديد فقد كان ماهرا في العزف على آلة الصفارة، ثم تعلم العزف على آلة الكمان في فترة لاحقة وأول كمان تحصل عليه كان هدية من الأستاذ مدني محمد طاهر وكان مدني قد جاء إلى بورتسودان ليعمل في بنك الخرطوم( باركليز سابقا) .. حيث تعرف على محمدية في إحدى الجلسات الفنية وكانت هذه بداية الانطلاقة الحقيقة لمحمدية نحو الموسيقى، لم يكن طريق محمدية مفروشا بالورود حينما جاء إلى الخرطوم في ستينيات القرن الماضي، يحكي محمدية قصته مع الفنانة عايشة الفلاتية قال؛ حين حضرت إلى الخرطوم صعدت إلى المسرح للعزف خلف الفنانة عايشة الفلاتية، فعندما نظرت خلفها سألت( ده منو ) وحينما لم تأتي الإجابة أن هذا الصاعد معروف لديها طالبته بالنزول ، لم أفعل سوى أنني نزلت من المسرح والبحث عن طريق آخر للصعود نحو حلمي غير المؤجل، لم يعد محمدية ما فعلته عايشة الفلانية آنذاك انتقاصا من قدراته بل هو اعتراف بمسؤولياتها تجاه فنها، ويضيف محمدية لو لم تفعل الفلاتية ذلك لم تكن لتصبح عايشة الفلاتية في حين أن هذا الموقف كان دافعا لي لتجويد عملي مستقبلا معتبرا أن ما حدث كان هو الرسالة الأولى في صعوبة الطريق الذي عليه أن اقطعه من أجل الوصول

ملامح سريعة من مسيرة محمدية…

مضى محمدية في رحلته إلى شارع النيل حيث مبنى الإذاعة السودانية و تم اعتماده في الفرقة الموسيقية الخاصة بالإذاعة، اول مرة دخل الاستديوهات كان للمشاركة ضمن الفرقة في تسجيل اغنية( حارم وصلى مالك )غناء الفنان عثمان حسين عام ١٩٥٧م.

 سافر محمدية إلى القاهرة لينهل من العلم و المعرفة في معاهد الموسيقى العربية وتمكن من آلة الكمان لدرجة انه عزف مع إخوته المصريين أعذب الألحان
يقول الفنان الدكتور عبد القادر سالم رئيس اتحاد المهن الموسيقية أن إصرار محمدية على العلم و التعلم كان ديدنه و شغله الشاغل وكان يعزف على الجيتار و العود و الناي، كان ذو حس رفيع وكان يتمرن يوميا على العزف رغم تقدمه في السن وكان بذلك يعطي دروسا لمحبي الفن ليؤكد أن ما وصل إليه لم يصله إلا بعد جهد و مثابرة
تم تكريم محمدية في كل الحكومات التي حكمت السودان و كرمه الرئيس جعفر محمد نميري بمنحه وسام العلم والآداب عام 1975 وكرمته كذلك المنظمة العالمية للملكية الفكرية الوايبو.
محمدية فلته من فلتات الزمان نتمنى أن تتكرر، كان يؤدي صلواته في موعدها وكان بارا بوالديه وكان اجتماعيا من الدرجة الأولى يشارك زملاءه أفراحهم و أتراحهم…

ساهم محمدية مع زملائه في تسجيل الآلاف من الأغنيات السودانية التي تزخر بها مكتبة الإذاعة السودانية فقد عزف وأجاد مع عمالقة الفن السوداني واستمر محمدية يعزف حتى مع جيل الشباب، عاصر كل الأجيال إلى أن روى الثرى، إلا رحم الله محمد عبدالله محمد أبكر محمدية بقدر ما قدم وأعطى.

محمدية يحكي قصة دخوله اتحاد الفنانين…

حكي محمدية في إحدى لقاءاته التلفزيونية قصة دخول اتحاد الفنانين لأول مرة قال؛ ظلت ادور والف حول الاتحاد ثلاثة أيام متتالية اريد الدخول لدار الاتحاد حتى احصل على موافقة الاتحاد وكان وقتها نقابة لممارسة العزف والدخول للإذاعة، حيث كان ممارسة النشاط الفني في ذلك الوقت لا يسمح به إلا من خلال النقابة، كانت النقابة في ذلك الوقت محاطة بهيبة وجلال كثيف نظرا لوجود عمالقة الفن فيها الكاشف واحمد المصطفى وعثمان حسين، ولذلك كنت خائفا و مترددا من الدخول لدار النقابة إلى أن جاء الفنان محمد وردي ووجدني خارج دار النقابة فأصطحبني معه و دخلت وكانت تلك الإشارة الأولى في دخولي لمبنى النقابة ومن ثم رخصة مرور لمبنى الإذاعة.

محمدية معلم الأجيال…
بعد أن انتهى محمدية من دراسة الموسيقى في القاهرة لعاميين متتاليين عاد إلى السودان ليمضي في ذات الخط صقل موهبته بالدراسة في المعهد العالي للموسيقى والمسرح و يبقى أستاذا فيه يعلم الصغار فك حروف الصولات الموسيقية لطلابه و هو الموقن بأن الإبداع منحة قبل أن يكون دراسة، هكذا ولد الرجل وكأنه لا يمشي إلا و الكمان معه تجدهما اثنين لا يفترقان. يرحمه الله رحمة واسعة..

تعليقات
Loading...