واصلة عباس تكتب : وطن مزقه أبناءه ..فهل يرتقه (الجد)؟. 

الخرطوم :مرايا برس

رؤى… واصلة عباس 

في أقبية الحياة ، ودهاليزها وونفاجاتها ،ثمة أشياء تعينك على تحمل شحوبها وضغوطها وقسوتها ، ليرتد إليك طرفك ناظراً إلى الجهة الأكثر إشراقاً ،فتعود الآمال والآحلام على ظهور الغد الذي نترقبه ، ولكن يأتي الغد فيزداد الحال سوءً ،سيما وأن الأمر قد أٌوكل إلى غير أهله ، وكثرة فيها ألسن المكثار الذي هو حاطب ليل ، ذاك هو الوطن السوداني الذي كثرت فيه المنصات وتعددت فيه العبارات والكل يريد أن يفصله ثوب على مقاسه ، وإزدادت نبرة الكراهية والإنتقام ، وأصبح تلكم المنصات بمثابة دولة تمنح صكوك الوطنية وفق أهواءها الشخصية ، وفتحت الأبواب على مصرعيها ليرى العالم الخارجي الجهالة السياسية التي نعيشها ، فدخل للوطن اصحاب الأجندة الإستيطانية والهادمين لوحدته ، والمثيرين لنعراته ، وأغلقنا (ديوان الشورى) وأقتلعنا (راكوبة الضرا ) وصار الأجنبي قبلة تُيمم اليها الوجوه، نشكو إليهم حالنا ونبكي في حضرتهم ، وهم في تأليبهم يواصلون حتى صار (المجتمع الإخوة أعداء) متناسياً دعوة شاعرنا الهمام :
عندي وطن بقضا له حاجة
كيف أ سيبه وأروح لخواجة
يبني وطنه ويحيجني حاجة
وبشورتهم تلك ، يبس الزرع وجف الضرع ، وأصبح الشعب (حشاش بدقنه ) ، وباتت عبارة ( ح نبينيهو) تشكل معولاً لهدم العامر ، وتدمير المشيد ، وكُل يُنصب نفسه (ملكاً على الوطن) ،المشهد القائم الآن لايحتاج إلى كثير وصف ، أو طول شرح ، فقد ضاقت الأنفس بما حُملت من تغيير لم يحدث إلا الدمار والخراب والساسة الكرام في سباق محموم لآجل الظفر بمقعد يؤهلك لأن تجلس في المقعد الخلفي للسيارة *(الإنفينتي)* وعن يمينك وشمالك موكباً يفسح الطريق لجلالتك ،، والناس من أوجاعهم يئنون ،والساسة الكرام بهم غير آبهون ، وفي طغيانهم يعمهون ، من خلال المبادرة الكريمة التي تقدم بها (شيخ أم ضوبان) حفيد البادراب ، لم أستغرب أن يخرج أهل الدين من خلوتهم ليحسموا أمراً أرهق أمة ، فقد تفتحت عيناي على زاوية والدي التربال في الحي الشعبي بالفتيحاب ، وهي بمثابة مجلس الحل والعقد لأهل الحي والأسرة ، ففيها يكتمل أركان (عشة صغيرة) ، وفيها يٌجمع بين المتفرقين والأضداد ، وبها تٌحل كل العوائق والعُقد ، فالدين لايمكن فصله عن الدولة ، سيما والرسول الأكرم عليه أفضل الصلاه والسلام قد جعل من مسجده برلماناً مصغراً يٌعقد لكل ما يِؤرق المضاجع ، والشوري ديدنه ، ماجعل هذه المبادرة تطفوا على السطح وتكون بمثابة الأمل المرتجى ، أنها فوق المطامع ، لايسندها حزب سياسي ، ولاحركات مسلحة ، ولاقبلية وبعيدة عن كل المطامع السياسية (والبادرابي) لم يطرح نفسه رئيساً أو وزيراً ، ولكن بيد أنه لكل مبادرة سقطة ، وسقطة مبادرة (الشيخ الجد) أنه تخاذل عنها أهل العلم والعلماء الذين يحتاجهم الوطن لرسم خارطة جديدة في الزراعة والصناعة والتنمية والممارسة السياسية الفاعلة لا المبنية على التحزيم القبلي والمادي ، ولكن مايجعلنا نتهيب نتائج تلك المبادرة أنه تداعت إليها ذات الوجوه السياسية التي عكرت صفو الوطن ، و أوردته موارد التهلكة ،وعملت على إسقاط الممارسة الديمقراطية ، ووطنت للقبلية والعشائرية واصبح الإحتماء بالقبيلة قوة ومنعة وجيش.

رؤى أخيرة.. 
أشفق على (الشيخ الجد) العالم الجليل والشيخ الزاهد من هذه المبادرة التي نحسبها آخر بذرة لغرسها في وطن مزقه أبناءه فهل يفلح الجد في رتقه؟؟. 

تعليقات
Loading...