واصلة عباس محمد نور تكتب: عطش العروس.

الخرطوم :مرايا برس

مرايا برس

رؤى…. واصلة عباس محمد نور

عندما دلفت اليها لاول مرة في العام 2008 لم تشعرني بغربتها حسبت أني أتجول في أمدرمان مدينتي ومسقط رأسي ، لم يساورني أدنى شك أنني غريبة الدار والأهل كانت أعظم ماتكون في كرمها ونبلها ولينها ،تخالها تُمد اليك اليد شوقاً وتحنان ،وكأنها تطرب للقاءك وتسعد برؤيتك ، فأبناءها تحسبهم جميعا (شيوخ عرب) فهم كرماء في بشاشتهم عند لقاءك يشعرونك أنك منهم ، كأنما الجميع أحفاد (لحاتم الطائي) ولهذا إستحقت أن تكون بلا منازع (الغرة أم خيرا جوه وبره) ، تجولت في ربوعها كثيرا وقضيت فيها أكثر الأيام قساوة ولكنها أروع الأيام وأنداها بالنسبة لي وذلك إبان مشاركتي في الدورة التدريبية للفريق القومي للإستعداد والإستجابة للكوارث الذي نظمته جمعية الهلال الاحمر السوداني (بسفوح جبل كرباج)الذي جمع كل ابناء الوطن عندما كان مليون ميل مربع لهذا تظل تلك الأيام الخالدات الماجدات في الذاكرة لا تُهال عليها غِبار السنين ولاتُطمس معالمها ، تلك العروس التي أذهلت القادمين بحسنها وجمالها ، بيد أنها الأن أضحت على وشك الذبول والألم يعتصرها وهي في ظمأ عظيم لأكثر من نصف عام وكل يوم يمضي وهي تسعى جاهدة أن تُحافظ علي رونقها وبريقها ولكن في ظل التخبط الإداري الذي تعيشه لابد من حسم عاجل ،فليس من المنطق أن تعاني الأسر من إنعدام مياه الشرب حتى أضحى (كوب الماء عصي المنال علي المقتدر والفقير؟) وخاصمت صنابير المياه أهل الغرة خصاما حتى صدئت محابسها وهي بذلك تُجحف في حقهم ولم تنزلهم منازلهم التي تليق بهم ، ذُهلت عندما هاتفني أخي ورفيق درب التطوع إبن حي القلعة بمحلية شيكان (أحمد جاد كريم) أنه ظل يطرق ابواب الجيران عله يظفر بكوب ماء يحمله الي إبنته الصغيرة التي بكت ظمأ ولكنه عاد خالي الوفاض ‘ فالوضع الكارثي خيم على كل بيوت حي القلعة البالغة أكثر من ( 569 أسرة) مما دعاهم الي البحث عن البدائل الملكفة جدا بتوفير المياه عبر (عربات الكارو) حتي وصل سعر برميل المياه الي الف جنيه سوداني للماء العذب ، و900 جنيه للماء المالح ، وهنا حتما لن تتمايز الصفوف فسيشرب المقتدرين ماديا وسيبقى المعسرين ينتظرون الفرج ، وحتى المؤسسات الخدمية ظهرت معالم الشحوب عليها والماء ليس فيها منساب, فالمساجد الثلاث أضحي التيمم هو الحل للصلاة ، وثلاث مدارس بها مئات التلاميذ يظل هاجس توفير المياه وترشيدها هماً يٌضاف الي الإدارة التعليمية بالمدراس ، ولم تنج حتى المؤسسات الصحية لينضم مركز التأمين الصحي إلى دائرة المرافق العطشى ..
مايحدث في مدينة الأبيض وولاية شمال كردفان يؤكد جلياً ان القيادة التي تعجز عن توفير أبجديات العيش غير جديرة بمسك رسن القيادة ، فالوالي خالد عندما أمسك بزمام الأمر أول مرة أخطأت تقديراته عندما خاطب مواطني. الولاية (لو لقيتوني بأكل معاكم في تبش ماتستغربوا )فكان نصيبه التهكم وكأن الولاية ليس بها من القضايا الملحة ، وظلت خطاباته عرجاء التعابير وسياسته التي تشير إلى عدم قراءته لسِفر الولاية وسبر أغوارها فنادى في القوم ثانية (أنه سيستورد (صاجات العواسة ) لنساء الكردافة لمعالجة مشكلة الخبز ، ويبدو أن من أرشده الي هذا الحل ربما أراد تقليل شأنه وسط قومه وذلك أن (بيع الماء في حارة السقايين يدل علي إنعدام الرؤية والبصيرة الثاقبة ).
اليوم يدخل أهل حي القلعة بمحلية شيكان يومهم التاسع في الإعتصام المفتوح الذي حُددت مطالبه بعد إستنفاذ أهل المحلية لكل مراحل الشكوي بدأ من المذكرات المتواصلة إلى الجهات الرسمية مرورا بالمواكب والوقفات المطلبية أمام رئاسة الولاية ورفع اللافتات إبان زيارة رئيس مجلس الوزراء عبدالله حمدوك للولاية ، ومخاطبة هيئة المياه مرورا بتوصيلها الى الجهات الأمنية والبلاغ رقم (1078) لازال مدونا في يوميات الشرطة وخير شاهد علي درجة الوعي لدي مواطن الولاية الذي لم يرفع سقف مطالبه بل جملها في ثلاث نقاط تعُد حقاً أصيلا لكل إنسان فالماء عصب الحياة وأساسها ، لهذا ففي الإقالة الفورية لوالي الولاية مطلبا رئيسا لهم ، بجانب حل مشكلة المياة جذرياً وضرورة متابعتها بصورة دورية خوفا من العابثين والمخربين ، وضرورة محاكمة المسئول الذي سب العقيدة أمام أهل المحلية عندما طالبوه بحل مشكلة المياه.

*رؤي أخيرة :*

من يشقق علي أمة محمد سيشق الله عليه… فلاتقسو على عباده..

تعليقات
Loading...