واصله عباس تكتب : خاطرة من نصوص الرحيل النازف.

الخرطوم :مرايا برس

مرايا برس 

رؤى… واصله عباس

في خارطة العالم تتعدد طرقات الحياة وتظل كل الخطى وإن إختلفت مشاربها ومغاربها والعابرون فيها حتماً ستفضي إلى ذات الطريق ، لم يكذبوا القدماء حينما قالوا *(أن كل الطرق تؤدي الي روما)* فروما كانت في إنتظار كل القادمين اليها تقف علي كل بواباتها لتلتقيهم بكل ماحملوه من الحياة من فرح وترح ومرح وعويل وفقر مدقع وثراء فاحش ، وكل منهم يظن نفسه أن طريقه كان وعراً لهذه تراه يسرد بطولاتنه ومعاركه الضارية التي خاضها في سبيل الوصول إلى روما.
ولان الإنسان جهولاً بأمره لم يكن يدرك أن كل الخطى والمسير هو قدره المكتوب *(وياالمسير وماك مخير)* لاتظن ايها الإنسان أن العذابات والمعاناة التي لاقيتها في طريقك هي نتاج انك شقي ، أو تلك القصور والدور التي سكنتها تدل على أنك سعيد بل كل ماتعايشه من حالات هو تأكيدا لماكُتب في سِفرك منذ الأزل ..
أعيتني الحيل وأنا في مفترق تلك الطرقات الموحشات أن الحزن قد غرس غرسه في مساراتي وظللت أتلقى وجعاً يتلوه حزناً وألماً يتبعه غدراً يتصل باللامبالاة ممن حولك، تكشفت بعض الحجُب مما حدا بي أن لا أركن للنضال ومحاربة واقعي لتغيره ،،ظللت في رفع مستديم لتلكم الرايات البيض في كل معركة تقابلني في مسيرتي ،فلست آهبة لحياة تجئ بعد صراع وعراك فالدماء والأشلاء لاتروقني ،.. وتزداد أحزاني عند كل نصر مر بأفئدة الآخرين مهما بلغت ضراوتهم وقوتهم ولكن أحزن لهزيمتهم ، دوما أرى أن زخرف الإنتصار ماهو إلا كوؤس صدئة مطلية بغالي الذهب ولكنها لاتسوى قيمة طلاءها ،، تلك هي الحياة تظل في دورانها ولمعانها ،، وفي المقابل نظل نحن في حالات الصعود والهبوط إلى أن تجد القوة قد خارت والنفس قد هدأت والروح تستعد للصعود ليأتي خلق جديد ،، فكلما غادرت نفس ولدت نفس جديد…ذاك هو دولاب الحياة..
لست ممن تتملكها الحيرة التي تجعل النفس في حالة فزع أو وجل فكل القادم بيد الله لابيد عَمر ،، وكل الحكم حكم الله لا قراقوش ،، وكل الفتوحات تأتي بعد الركون إلى أن الله مدبر الأمر وخالقه لأنه خالق الإصباح ،،
وإن ناديت عليهم فلن يسمعوك وهم ليسو بصم أو بكم لايرون منديلك الأبيض الذي تلوح به لينقذوك ،، كما جعلوا من أنفسهم لايسمعون ولايرون لأن قلوبهم عليها أقفال تحول دون عونك ،،فقد إرتضوا أن تكون آياديهم مغلولة إلى أعناقهم ،، لايمدونها إلى محتاج او ضعيف يستند عليهم ..
نبكي على أوجاعنا ولاندري هل تستحق دموعنا ؟؟ نصرخ من صمتنا الموحش في ظل غياب تام لكل من تشعر أنه قريب لك ،، غادروا جميعا وتبقت الليالي الثقال الموحشات والأحزان المعذبات ،، تبكي ولكن ثمة أسئلة تأتي لتستفسر من أين جاءت تلك المدامع وقد تبلدت كل الأحاسيس والمشاعر ولم تعد وخزات الحياة تؤلم فقد أثقلت الأوجاع كاهلنا حتي لم يبقي في الجسد إلا طعنة فقد حبيب ، ورحيل عزيز ،، وغدر صديق ،، وخصام جار ،، وجور الآرحام ،، أصبحت تلك هي الحياة بكل مافيها من ألق وزينة لم تعد تبهر لكي نتقاتل لآجلها ..
صمت أيها الأحبة دعو أحزاننا تغفو قليلا فقد أزعجنا صراخها وأقلق منامنا صوت نحيبها وأنينها ولم تعد الأمنيات نطلبها إلا وقد أودعناها حلمنا بأن خففي عنا الأوجاع والأهات فقد أصبح القلب والجسد مهترئين منها؟؟

*رؤي أخيرة*
من جب الحياة العميق ربما تأتي قافلة العزيز تبدد عتمة البئر ووحشته وتنزل دلوها لتنشل تلك النفوس التي ملأتها الأحزان والأوجاع حتى إستانست لوحشة البئر وسكونه.

تعليقات
Loading...