واصله عباس تكتب : كوني إمراة.. لا بلدوزراً معطوباً.

الخرطوم :مرايا برس

مرايا برس 

رؤى… واصله عباس 

التاريخ السوداني الحقيقي حمل بين طيات سطوره وأضابيره الكثير من الأحداث التي جسدت مواقفا بطولية لنساء الوطن على مر العصور ،،فكانت الكنداكات *شاخيتي وريناس* رغم قيادتهن لرسن البلاد إلا أنهن لم ينسين أنهن نساء فأحاطن أنفسهن بإهتمام بالغ بمظهرهن فكن نساءا قواريرا وقيادات ،، ومر التاريخ بحقبة أخرى خرجت فيها *رابحة الكنانية* من تخوم جبال النوبة لتخبر الإمام المهدي بغدر المستعمر والسعي للنيل من الثورة المهدية ،، وكانت رغم قوة قلبها وتحملها للسير الموحش في الطريق الوعر إلا أنها لم تترك كلمة للتاريخ تباهي بنفسها لهذا الفعل العظيم الذي أنقذ ثورة ماتعة من الإفول بفعل الغدر والخيانة ولكن التاريخ سجلها كبطلة ماجدة جعلت روحها فداء للوطن ،، جاءت من ذات الجبال الشم التسعة وتسعين جبلا التي عرف أهلها بالأشاوس لايتقهقرون عن مرادهم فكانت السلطانة *مندي بت السلطان عجبنا* والتي لم تنسى أنها نون النسوة رغم ضراوتها وقوتها ،، فحملت إبنها رضيعا علي ظهرها وهي تقاتل لأجل أن يحي إبنها حياة كريمة وأن يكون حرا في بلاده ،، جاءت *مهيرة بت عبود* لتلهب حماس اهلها في معركة كورتي الشهيرة وهي إمراة لتقول *(يالباشا الغشيم قول لجدادك كر)* وبهذه المقولة كانت معركة كورتي التي سطرها التاريخ أنها من روائع الشايقية وهي أعظم من كل أغنياتهم الحنينة وهي تمثل تاريخهم الذي يباهي به الوطن قبلهم ،، أما في التاريخ الحديث فقد سجلت الراحلة *فاطمة أحمد إبراهيم* إسمها بمداد من نور في تاريخ العالم أجمع حينما كُتب علي إسمها *(أول إمراة تنال عضوية البرلمان)* وهي بفعلها ذاك قد فتحت آفاقا لكل نون النسوة بالعالم ،، وتعاظم دورها لتفتح نوافذ شتى لكل النساء أن ينلن حقهن كاملا غير منقوص ،، وفي ذات الإتجاه كانت *حاجة كاشف وسعاد البدوي* أول إمراتين تخرجان عن هودج العادات والتقاليد لتطلان برأسيهما وهما يشاركان في موكب إستقلال السودان ،، وجاءت *الطقطاقة حواء عبدالرسول* لتزف الوطن عريسا للحرية على أنغامها الحماسية ،، القائمة تطول من نساء بلادي اللائي سعين للبناء وربط أواصر المجتمع السوداني بقوة لم يكن إلا حادبات على نهضة الوطن دون تطرف أو غلو أو سباب وشتم وإتهام ،، كتبن على جدار الوطن أننا *(بنات النيل)* لا أولاده
ولأن التاريخ هو من يدون أحداثه ويقيس عطاء كل فرد فيه بعمله وفكره ورأيه والمنطق يتطلب منك أن تترك أعمالك تتحدث عنك لآ ان تصبح كتابا خاويا ومفتوحا يراه كل عابر ،، ولأن التاريخ لا يخلد أحد صاح وهاج وماج وشتم وقذف، فعلى المرء أن يكتب لنفسه كتابا يحب أن يقرأه التاريخ ،، وإن لم يفعل مايحُمد عليه فحتما سيسطر التاريخ كتابا لك يليق بفعلك وقولك ، لان سطور التاريخ لا تُزين أفعال البشر. 
يذكرني هذا الأمر بموقف حدث لي مع أخي الأكبر النيل عباس(رحمه الله)عندما كان يتفقد المنزل لتأمينه بعد الخروج الإجباري للأهالي إبان أحداث أمدرمان في العاشر من مايو 2008 وإجتياح خليل إبراهيم لها ،، فوجدني بالمنزل لم أخرج مثل غيري من السكان فغضب غضبا شديدا وقالي كلمة واحدة *(كوني إمراة وإحذري أن تنسي ذلك).*
أندهش لإفتخار النساء بتسلطهن لا قوتهن وتسرهن الألقاب التي تزيد من فخارهن ،أندهش لأمراة يسرها لقب بلدوزر وتباهي بذلك وكانها لاتدرك ان البلدوزر جماد من صنع الإنسان يعتريه العطب والكسر ولايعمل إلا بالدفع والوقود وقيادته تتم من الآخرين ومهمته هي الهدم فأي عقل ومنطق يدفعها للتباهي بهذا اللقب ،، على المرأة مهما بلغت من المكاسب والمناصب أن تعي دورها الحقيقي الذي كفلته لها الشرائع والأديان وان عنصر المساواة الذي تٌطالب به ليس معناه أن تتلبس ثوب الرجال..وتنسى نفسها..
لهذا فالمرأة التي تمنح نفسها نوط الشجاعة في مضمار هش لاتستحق إلا العقاب والعتاب ، فالرسالة السماوية كرمتهن و جعلت لهن سورة قرآنية كاملة وظل نبي الرحمة والهدي يحث على الإهتمام بالمرأة وهو يقول *(رفقا بالقوارير )* فكيف تصبح القوارير بلدوزرات؟.

تعليقات
Loading...