درديري كباشي يتجول في الحي البريطاني بود مدني مع البرلوم العاشق.

الخرطوم :مرايا برس

ودمدني الجميلة خمسة سنين معاك درب الريد أخضر. في ربوع قلبك النابض جامعة الجزيرة.
كنا إذا أصابنا الملل نخرج من داخلية النشيشيبةَ ونتجول في شارع النيل وندلف إلى حواري الحي البريطاني.
و يا لها من حواري فلل من الطوب محاطة بالاشجار بالكاد تتبين ملامحها مثل الحسناء البيجاوية. لا تجد أهل الحي يجلسون أمام بيوتهم أو يتسكعون في الشوارع مثل باقي الأحياء.
كأن هذه الدور يقطنها اخفياء من الجن. كنا نتمتع بهذا الجمال و عبير الأزهار وزقزقة العصافير. نأخذ شحنة من الحياة تكفينا فترة حتى نعود تارة أخرى.
اقول ليكم حاجة سيبكم من الفصحى انا ذاتي تعسمت.
بعد ما وصلنا مرحلة متقدمة في الجامعة انضم إلى صداقتنا احد الطلاب الجدد. وجال معنا عدة جولات في ربوع الحي البريطاني.
اقترب موعد الامتحانات فقل خروجنا من الجامعة الا للضرورة.
يوم لاحظت للبرلوم يناديني اقتربت منه قال لي اخوك وقع وقعة سودة يا ابو الدر
يا ساتر وين؟
قال في الحي البريطاني.
اوعى تكون تعوقت.
لا ياخ مش وقعة يعني وقعة.
كان كدا ارح نشوف لنا بينش فاضي تحكي لي الحاصل.
قال كنت جايي من ناس خالتي مريت بالحي البريطاني قلت استعيد جولاتنا الحلوة طالما وصلت هنا. انا عابر في شارع من شوارع الحي لمحتها تقف أمام باب الجنينة حسناء ما شاهدت أجمل منها في حياتي. ما قدرت اشيح نظري عنها وهي كانت مشغولة بكتاب في يدها تلبس اسكيرت ازرق طويل وبلوزة بيضاء وتضع الطرحة على كتفها. النسيم يتلاعب بخصلات شعرها. كل مرة تزيح الخصلات بيدها ثم تعود للكتاب. مريت بقربها حتى حزوها لم تحس بوجودي.
فجأة رفعت رأسها في الأول نظرت نحوي باستغراب قليلا ثم عادت للكتاب. تجاوزت مكانها ولكن ظلت عيوني مثبتة عليها. مرة اخري رفعت رأسها ابتسمت كشفت عن أسنان مثل عقد اللؤلؤ. شعرت قلبي كاد أن يطير من صدري ويستقر بين يديها. في آخر اللفة وانا لا زلت التفت رفعت يدها لوحت لي ثم دخلت قافلة خلفها باب الجنينة. في تلك اللحظة شعرت انها دخلت قلبي وكذلك قفلت الباب خلفها.
ثم سكت.
وانا كذلك لم اعلق حقيقة ما عرفت ما هو المطلوب مني تحديدا. شعرت انها قصة قصيرة انتهت حتى قبل أن تبدأ.
عندما طال صمتي سألني. اها اعمل شنو تاني الخطوة الجاية شنو.
قلت له شوف هنا يا برلوم الدنيا امتحانات وجامعة الجزيرة تعرف نظام اكاديمي قاسي لايرحم احد ارجع شوف قرايتك وين قبل ما يفوتك القطار.
نظر لي بغيظ ثم قام من الكنبة دون أن يقول وداعا وذهب ناحية المكتبة. قد تصبح العدو رقم لواحد لعاشق إذا طلبت منه أن يتخلى عن حبه.
مرت كذا يوم شعرت انه يتحاشى لقائي. وانشغلت عنه انا بدوري أو اصلا لم اخذ قصته على محمل الجد. اعتبرته إعجابا مثل ما تعجب بمَمثلة سينما أو فتاة في مجلة.
يوم ما كذلك سمعته يناديني من بعيد متهللا انتظرته. اخرج ورقه وردية مطبقة بعناية من جيبه وقدمها لي قائلا شمها.
مسكت الورقة فعلا شممتها وجدتها مغمورة في عطر فواح.
بعدها قال افتحها وأقرأها.
فتحتها وجدت مكتوب عليها بخط جميل. مطلع اغنية عبد العزيز المبارك.
يا ماري ببيتنا جيت صدفة ام جيتنا.
بيك هلت الأبواب وفرحت شبابيكنا.
قلت لا لا لا كان كدا ارح نشوف لينا بينش نقعد تاني تحكي لي الحصل. .
اول ما جلسنا قلت له هي نفسها حسناء الحي البريطاني.
قال هي ذاتها.
وانت عملت شنو بالظبط.
قال حاولت اعمل بنصيحتك ألتفت للقراية وانساها. لكن صورتها بقت تظهر لي في صفحات الكتب وفي الطيف وفي الصحيان. قلت سيبك من ابو الدر دا مخرف ساي رجعت تاني مرة ومرتين مرات اعبر بشارعهم ثلاثة مرات هي ما تكون خرجت هذا في البداية فقط لكن بعد مرتين ثلاثة بدت تخرج ومرات الاقيها َمنتظراني بقلق شديد اول ما أظهر من الشارع تشع ابتسامتها نور يجهر الشارع كله. بدون كلام اول ما احازيها ابطي خطواتي. آخر مرة أمس رمت لي هذه الورقة وجرت داخل الفيلا.
اها انا هسع اعمل شنو اوعك تقول لي خليها وحنكك البيش داك.
لا كان كدا ما تخليها اكتب ليها رد.
ما انا جاييك عشان كدا. عايزك تكتب لي رد.
قلت له ياخ انت ما محتاج حد يكتب لك حالتك نفسها الحكيتها لي دي لو وصفتها في كتابة تقنع اعند بنت في الدنيا.ياخ انت قلت دخلت قلبك وقفلت الباب عليها دي مافي شاعر سبقك عليها بس ناقص تقول أخذت دش في البطين الأيسر.
ياخ قول بس ما عايز تساعدني.
شعرت أنه سيزعل مني قلت له ماشي ارح البلوكات اي قاعات الدراسة. ثم نزعت ورقتين من نصف الكراس وسردت لها نفس حكايته هذه بكل تفاصيلها. كما ذكرت هي لا تحتاج لأي إضافات. وخاصة لطالب في جامعة الجزيرة غرقان في الأكاديميات.
وبعدها بتنا لا نتقابل كثيرا وإذا تقابلنا وسط جمع غفير لا أتمكن من سؤاله عن قصته. دخلنا امتحانات النهاية وتخرجنا وفرقتنا الدنيا كما اعتادت أن تفعل. مرت سنوات طويلة. تفاجأت قبل فترة قصيرة انه أحدهم يطلب صداقتي في الفيسبوك. الاسم ما غريب علي. اول ما قبلت الطلب دخل على في الماسنجر قال انت ما عرفتني ولا شنو يا ابو الدر. قلت له الاسم ما غريب على. قال انا البرلوم العاشق. نفس اللقب الذي أطلقته عليه.
قلت يا راجل وين انت هسع قال لي انا في الإمارات تزوجت وعندي ولدين.
وبنت الحي البريطاني عملت معاها شنو؟؟.
ما هي ذاتها زوجتي وأم الولدين.
لا يا شيخ…
ياها دي معاي عايزة تسلم عليك.
وفعلا اتصل و دخل صوت رقيق تحدثت كأنها تغالب الضحك.
قلت لها بعد التحايا والتبريكات وهو يسمع النصاب دا ما يكون غشاك انا كنت اكتب له الرسائل. ضحكت وقالت ايوا حكي لي عشان كدا انا بضحك.
قلت لها يا سلام والله صراحته هذه أجمل من أي كلام كتب في الحب والغزل سوى مني او من اجعص شاعر.
قالت صدقت عشان كدا نحن حاليا اسعد اثنين في الدنيا وعندنا أجمل طفلين في الدنيا.
يا سلام ربنا يهنيكم ويديم المودة بينكما.

تعليقات
Loading...