ياسر الفادني يكتب : أنا والنجم والمساء.

الخرطوم :مرايا برس

مرايا برس

من أعلى المنصة… ياسر الفادني

عظيمة هي بلادي ،عظيم نيلها ،عظماء مفكروها وشعراؤها وكتابها ،أنا والنجم والمساء…. كلمات صاغها الراحل المقيم حسين بازرعة في قالب فخيم وضع عليه سحر البعد الثالث للمفردة الجزلة وهي طريقة ومذهب ومدرسة لايعرفها إلا القليل من المبدعين ، رسم في هذه القصيدة الخيال الساحر والنغم الشعري الرصين ،حسين بازرعة واحد من اساطين مملكة الشعر الغنائي المميز في بلادي ، تغنى له الراحل المقيم عثمان حسين بعديد من الأغاني التي شنفت اذاننا وطوفت بنا محلقين فوق عالم جميل، استنطق فيها الحروف دندنة ، وصنع من المفردة سردا شعريا جميلا ، واضفى عليها لونا وطعما وبريقا ، أنا والنجم والمساء….تحفة في عالم الغناء والفن السوداني ، كانت لبازرعة المتنفس الذي بث فيه لواعج الحب الصادق ورجع الذكري وصدي الجمال …
ولد وترعرع في مدينة سنكات ، هذه المدينة التي الهمته و صنعت فيه التميز ، والهمه مكانها الذي يطل على المرتفعات والتلال قريحة شعرية لا تضاهي وموهبة إبداعية منقطعة النظير ، بدأ بريقه يشع عندما فاز بقصيدته (القبلة السكري ) والتي نشرت في مجلة الإذاعة والتلفزيون التي كانت تصدر في السبعينيات ، من هذه المناسبة تفتحت قريحته الشعرية وتلقفه صاحب الحنجرة الماسية الفنان عثمان حسين ، ولعل الفراق الذي عاشه الشاعر جعله من رواد مدرسة البكائيات لكنه تمسك بإصراره على مصابرة النفس ولعل هذه اللونية تجدها في قصيدته ( شجن) التي أنشد فيها قائلا:
لي متين يلازمك في هواك مر الشجن
ويطول بايامك سهر ويطول….عذاب
ياقلبي لو كانت محبتو بي التمن
لكن هواه أكبر وما كان ليه تمن
والحسرة مابتنفع وما بجدي الزمن
يمكن يحس ضميرو ويهديه للصواب
مايميز بازرعة أنه كثير التباكي وكثير التحسر وكثير ذكر الاطلال لكن لا يستسلم فهذه الروح التي تجسدت فيه اعطته قوة وصبر وتحد عظيم لواقع، موضوع الوطن يعالجه بطريقة عجيبة فوطنه هو الذي تعيش فيه الحبيبة كما قال (ليك ياحبيبي الوطن) ، بازرعة طوع المفردات إلى أعالي سامية من المعاني عندما قال (اصلوا حبك فوق إرادتي ) !

صاحب النجم والمساء عجيب أمره، في هذه القصيدة وضع في صدره ملموسات هما النجم والمسا…. وجعلها في قلبه محسوسات هما الوجد والحنين، ولعله هنا خاطب الشاطيء قائلا :
اه ياشاطيء الغد
اين في الليل مقعدي؟
أين بالله موعدي؟
علامات استفهام برع في التعبير عنها حيث انه عن طريق السؤال حول طيف المحسوس إلي وضع الملموس وهذه ابتكار ابداعي فريد من نوعه ..
حسين بازرعة واحد من شعراء بلادي الذين سطروا الحرف و صاغوه في حلة من جمال ، بازرعة تمسك به الراحل عثمان حسين وتشبث في سلم إبداعه وصعد إلى سماء الغناء السوداني الأصيل،حقيقة عرف هذا الفنان كيف يصادق وكيف يساير ، رحم الله شاعرنا حسين بازرعة وصاحب الصوت المعتق عثمان حسين وهذان رقمان في حساب الفن السوداني لن يتكررا .

تعليقات
Loading...