د.الطيب مختار يكتب: سوداتل بين مطرقة الحكومة وسندان الإدارة(٢)

الخرطوم :مرايا برس

أوضح المقال السابق أهمية سوداتل كشركة وطنية،وكيف كانت تدعم اقتصاد البلاد وتصونه وتعود بالفائدة على مساهميها، وكيف تحولت الى عبء على بلادها ومساهميها !!.
وحتى يعلم المواطن السوداني كيف تدار أمواله، أدناه بعض ما ورد في الكتيب الذي أصدرته سوداتل عن القوائم المالية الموحدة وتقرير مراجعي الحسابات للسنة المالية المنتهية في 31 ديسمبر 2021م مقرونا مع تحليل خبراء ومحللين ماليين مستقلين.
القوائم المالية لمجموعة سوداتل: وكيف يدار المال العام فيها ؟!
قبل أن نتطرق الى القوائم المالية ، نجيب باختصار عن : ماذا تعني شركة المساهمة العامة ؟.شركة المساهمة العامة مثل سوداتل يكون رأس مالها مقسما الى أسهم متساوية القيمة تطرح للاكتتاب العام وقابلة للتداول، هي كيان تجاري يمتلك كل مساهم فيه من جمهور المساهمين نسبة معينة من أسهم الشركة ويمكنه نقل أسهمه الى غيره دون تأثير على استمرارية وجود الشركة.
تعكس نتائج القوائم المالية لأي شركة مدى قدرة إدارة تلك الشركة على تحقيق العائد المجزي للمساهمين تحت رقابة الجمعية العامة للشركة باعتبارها السلطة العليا فوق مجلس الإدارة الذي تقوم باختياره عبر الانتخاب في اجتماع الجمعية العامة بعد تقييم أدائه ومن ثم استبداله بآخرين من المساهمين في حالة فشله في أداء مهامه.
في حالة سوداتل كشركة مساهمة عامة ولأهميتها كشركة اتصالات تلقي بظلال أدائها سلبا أو ايجابا على مدار الثانيةعلى حال المساهم المواطن وعلى الاقتصاد السوداني، حرصت الدولة (الحكومة والمجتمع) على امتلاك جمهور المواطن السوداني البسيط مباشرة وعبر أمواله العامة التي يأتمن عليها الحكومة نسبة عالية تمكنه من تقييم وتقويم أداء الشركة ومراقبة ومحاسبة مجلس إدارتها وادارتها التنفيذية، ذلك ان كان هنالك تناغم وحرص من جانب الحكومة لتحقيق مصلحة البلاد ومواطنيها.
في اجتماع الجمعية العامة لسوداتل صباح الأربعاء العاشر من أغسطس 2022م ، تم عرض الأداء المالي للشركة من خلال القوائم المالية التي قامت بمراجعتها مؤسسة مراجعة خاصة مع ديوان المراجعة القومي السوداني وفقا لقانونه الذي يكفل له مراجعة أي شركة تساهم فيها الحكومة بأي نسبة باعتبار تلك المساهمة مالا عاما يملكه المواطن السوداني .
نأخذ باختصار أهم نتائج القوائم المالية في نهاية العام 2021م من ملاحظات المراجعة في كتاب الشركة الذي قدمته باعتماد المراجعة بشقيها العام والخاص، ثم مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية ، مقرونة كما أشرنا مع ملاحظات مراجعين ماليين مستقلين :
1- الالتزامات والموجودات: (الالتزامات الجارية تعني التزامات الشركة المالية للآخرين من دائنين وغيرهم وهي التزامات واجبة السداد خلال عام، بينما تعني موجودات الشركة ماتملكه من أموال لسداد تلك المديونيات أو الالتزامات).
جاء في التقرير:(تجاوزت الالتزامات الجارية لسوداتل موجوداتها الجارية بمبلغ =201،6مليون دولار، وقد تضيف هذه العوامل إضافة الى التأثيرات الأخرى شكا جوهريا حول قدرة المجموعة على الاستمرار في النشاط وفقا لمبدأ الاستمرارية ….).
ان تجاوز الالتزمات المالية للموجودات بهذا المبلغ الضخم حوالي 200 مليون دولار واجب ان طالب به مستحقيه سداده خلال عام ، مما يهدد استمرارية الشركة!! وقد يضيف هذا العامل إضافة الى التأثيرات الأخرى شكا جوهريا حول قدرة سوداتل على الاستمرار في النشاط وفقا لمبدأ الاستمرارية، ويعني هذا المصطلح أن المراجع يريد أن يلفت نظر المطلع على القوائم الى نقاط ضعف في أداء الشركة المالي. ويؤكد خبراء ،افي حالة عدم تدارك الأمر فليس أما سوداتل الا خيارين : اما تصفية الشركة أو التخلص منها ببيعها !!.
2- تم اعتماد المعيار 29 في اعداد حسابات العام القادم!! اعتماد هذا المعيار يعني أن البلاد تواجه تضخما مفرطا سيؤثر على التدفقات الاستثمارية مما يوجب أخذ رأي المعنيين بالسياسات المالية، ومن جانب بعض الشركات يأتي القصد منه لتضخيم أرباحها مما سيدخلها في التزامات مالية إضافية (مع ملاحظة أن هذا المعيار لم يتم اعتماده من بقية شركات الاتصالات العاملة في البلاد !!).فهل يعني ذلك أن الحكومة وباجازتها لهذه القوائم المالية قد اعترفت بأن البلاد تعاني تضخما مفرطا أخفقت في معالجته؟ وأن سوداتل لم تجد مخرجا من مأزقها الا عبر هذه الطريق؟ أم أن ادارتها على كافة مستوياتها لا تملك القدرة لإيجاد وصفة بديلة يمكن عبرها تدارك الوضع الذي سيضر حتما باقتصاد البلاد؟!
3- مديونية الشركة على مشغلين دوليين في مجال الاتصالات تساوي حوالي ( 22 مليون دولار وتمت إضافة مخصص خسارة بنسبة 20% مقابل هذه الأرصدة )، هذه المديونية الناتجة عن مايسمى باتفاقيات الربط بين المشغلين ، أخفقت سوداتل في تحصيلها !! مما يثير التساؤل حول حقيقة المبلغ ، والا لماذا لم تعمل الشركة على استرداده رغم حاجتها اليه !!.
4- أظهرت قائمة الدخل أرباحا تساوي 20 مليون دولار، بينما تظهر خسارة ثمانية مليون دولار بمسمى رسوم مخصصات من دون توضيح !! ان تم حذف هذا المبلغ ستساوي أرباح الشركة 28 مليون دولاؤ !!)، وباعتبار معايير المراجعة الدولية كان من الواجب على المراجعين عدم اعتماد القوائم المالية الا بعد إيضاح كافي لهذا البند !! .
5- الضريبة والزكاة = 22 مليون دولار مستحقة السداد في العام 2022م ، خاصة وأن هذا الموضوع مرتبط مع ارتفاع التزامات الشركة الجارية عن موجوداتها الجارية وفوائد الديون التي تبلغ 40 مليون دولار بالإضافة الى النقد ومافي حكمه بنهاية العام 2022م ، بينما التدفقات النقدية = 17 مليون دولار ، فهل تستطيع الشركة الوفاء بسداد هذه الالتزامات العاجلة ؟. ولماذا تجاهلت الحكومة المطالبة بالضريبة والزكاة على الرغم من حاجة الخزينة العامة لهذا المبلغ ؟!.
……
نواصل ان شاء الله لاكمال ماتبقى عن القوائم المالية، ومادار في الجمعية العامة، وكيف تمت ادارتها بالترهيب
وانتهاك حقوق المساهمين في التعبير ومطالبهم بحفظ وحسن إدارة الأموال العامة قبل مكتسباتهم .

تعليقات
Loading...