د. ناهد قرناص تكتب :غير ذات الشوكة.

الخرطوم :مرايا برس

قبل ايام دخلت في جدال عقيم مع احدهم ..شخص لا أعرفه ..كتب كلاما ازعجني ..كنت في قمة التحفز لأخذ حقي ..واقناعه بانني غير ما يظن ..النقاش احتدم ودخلت فيه اطراف اخرى ..في بداية الامر كنت متحمسة جدا ..لكنني مع مرور الوقت بدأت افقد الرغبة في المتابعة ..وجدت نفسي اتساءل ..ما الذي أفعله ؟ ماهي الجدوى من هذه الدوامة التي لا تنتهي ؟ ما هي الفائدة التي ستعود علي ان اتى راكعا وقال لي انه يعتذر؟ ..فجاة احسست ان الامر برمته لا طائل منه ..وانني اضيع وقتي مع شخص لا يهمني …ولست بالتاكيد في دائرة اهتمامه ..

قبل فترة ايضا ..مررت بظروف بايخة ( ليس لدي لقب أطلقه افضل من هذه الكلمة) ..دخلت في حالة غريبة من الحزن .. جب عميق وجدت نفسي داخله ..احاطت بي ظلمة الأعماق مما جعلني اتخبط في قرارات كثيرة ..لم يطل الامر كثيرا ..فقد اتت سيارة رمت بحبل الود ولم يشروني بثمن بخس ..حينها تساءلت لماذا تمتحننا الحياة قبل ان تعطينا الدرس ؟ لماذا يجب علينا اخذ العبرة بأكثر الطرق ايلاما ؟

تذكرت قصة غزوة بدر ..عندما أراد النبي صلى الله عليه وسلم اعتراض قافلة ابي سفيان ..لم يكن يريد خوض الحرب ..كان يريد فقط الغنائم ..لكن الله قدر له القتال ..اذ قال الله تعالى (واذ يعدكم الله احدى الطائفتين انها لكم وتودون ان غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله ان يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين ) ..الان عرفت ان الدروس التي تأتي بعد مخاض ..تكون دائما هي الميلاد لفجر جديد ..لعهد مغاير تتفتح فيه العقول وتزهر فيه النفوس.

هناك رسائل يبعثها لك الكون …وانت في خضم الحيرة والتخبط ..مثل ذلك الذي قرأته على حائط احد الاصدقاء الاسفيريين .وانا في قمة غضبي الذي حكيته في البداية ..كان مكتوبا (ارتق ما فتق من نفسك ..لا شغل لك بما تمزق من نفوس الآخرين ) ..صحيح ما شغلي انا بما يفكر فيه الآخرون ؟ وما يظنه البعض ؟ ..صدق شمس الدين التبريزي عندما قال (انت غمامة على شمسك ..فاعرف نفسك )..

هل تصدق انك حاجز امام شمسك ؟..انك انت الذي يحول بينها وبين الشروق ؟ يمنعها من ان تسطع وتضئ للآخرين ؟ لولا انشغالك بالجدال والمنافسة والغيرة والنظر لما منحه الله للغير ..لولا ذلك ..لحلقت نفسك في سماوات الأبداع ..وخفقت اجنحتك مابين الخافقين ..سبحان الله كلنا نريد غير ذات الشوكة ..ويريد لنا الله ان نخوض الحياة بمجملها ..ونتعلم من كل خطوة ما يصقل النفس ويرفعها درجات فوق الدرجات ..

مرت بنا مواقف كثيرة ظنناها شر وكان في باطنها الخير الكثير ..ميزت لنا بين ذلك يحمل بين جنبيه صادق المودة ..وذلك الذي يحيط نفسه بزيف الكلام والمعاني ..لكنها كانت في نهاية الامر .. كلها خير ..او كما قال التبريزي (والذي يبدو لك غروبا ..لكنه شروق ..واللحد يبدو سجنا ..لكنه خلاص الروح)

تعليقات
Loading...