عادل عسوم يكتب : كلام في الحب والوفاء.

الخرطوم :مرايا برس

ياترى أيهما الأضمن لحياة زوجية سعيدة؟!
أهو الحب أم الوفاء؟
وهل يجب ان احب التي سأتزوجها قبل الزواج، ام سيأتي ذلك تلقائيا بعد الزواج؟
في البدء دعونا نعرّف الاتي:
ماهو الحب؟!
وماهو الوفاء؟!
الوفاء: هو حالة من الألتزام الواعي بالعلاقة الزوجية…
والحب: هو حالة من الألتزام اللاواعي بالعلاقة الزوجية…
فالوفاء طالما كان مندرجا تحت إطار الوعي فانه يناط بالرجل الإلتزام به لكونه في المقدور، وهو بذلك يصبح واجبا من الزوج تجاه الزوجة قبل أن يكون التزاما دينيا وأخلاقيا يحاسب عليه أمام ربه ثم ضميره والناس.
والوفاء أحسبه أنضج وأدعى لتمتين العلائق داخل البيوت من الحب.
لكن ان قُدّر وانداح الحب فإن العلاقة الزوجية ستزداد فضاءاتها رحابة بما يضيفه الحب من ألق الصفاء والإيثار بينهما، فكم من بيوت لم يكن الحب قاسما مشتركا فيها قد انداحت فيها المودة والتفاهم كنتاج للوفاء مما هيأ لسفينة الحياة ابحارا مريحا الى مرساها بسلام.
ف زخم الحياة بما يكتنفها من تفاصيل الأشياء الصغيرة خلال تربية الأبناء، وهموم العمل، والتفاعل مع أهل الزوج وأهل الزوجة؛ أراه كفيل بسد الفراغ الذي كان ينبغي للحب أن يشغله، ثم إن شحنات العاطفة لها من ملموسات الجسد ما يؤدي الى تفريغها لإعادة النفس الى توازنها وهدأتها، لذلك قد يصبح الوفاء نفسه مرحلة من مراحل الحب وتقبّل الآخر، حيث يتسنى للرجل الوصول فيه (بوعيه) الى درجة قصوى من الإشباع والإرضاء الذي لاتحس بعده الزوجة بالحوجة إلى سمت مشاعر أخرى.
وحياة مثل هذه تقوم على وفاء وإحترام وتقدير للآخر أجدها بمرور الأيام والسنين قادرة على إذكاء حب حقيقي وعشق بين الزوجين.
ولكن وبرغم كل ذلك فان المعرفة القبلية -وليس الحب- لها دورها الأكيد في تفادي الكثير من مفاجآت ال(الأمر الواقع) خاصة إذا انتفى التداخل من قبل على اطلاقه بين الخطيبين.
ولكل فتاة أقول:
احذري من البناء على مشاعرك عندما تكونين في مقتبل العمر، في هذا العمر كثيرا ماتنخدع الفتاة عندما تتعلق بأول شاب يلج إلى حياتها الخاصة فتراه فتى أحلامها مهما كانت صفاته، وهناك دراسات عديدة في علم النفس أجمعت بأن قصة الحب من أول نظرة ليست مبنية على أساس يركن إليه، فقد أظهرت دراسة منها بأن حالة الشعور بالحب من النظرة الأولى عادة تكون مقترنة بالشهوة والرغبة والفراغ العاطفي ما يجعل مقابلة شخص يمتلك صفات مرغوبة ومفضلة لدى الشخص بمثابة فرصة لملء هذا الفراغ وإشباع الرغبة والشهوة، لكن الحب من النظرة الأولى ينطفئ مع مرور فترة زمنية قصيرة بعد زوال تأثير الانبهار أو الرغبة النابعة من الحاجة.
كما أجرت جامعة شيكاغو دراسة نفسية حول الحب من النظرة الأولى ليتبين أن الذهن يحدد انجذاب الشخص بشكل تلقائي في فترة زمنية قصيرة وأن الرجال أكثر عرضة للوقوع في الحب من النظرة الأولى بحسب التصوير الإشعاعي للمرحلة الأولى من مراحل التعارف بين الرجل والمرأة بحيث يكون النشاط الدماغي في القشرة المخية البصرية أكبر عند الرجل منه عند المرأة. ما يجعله عرضة أكثر وبسرعة أكبر للوقوع في الحب من النظرة الأولى.
وللتمييز بين الحب من أول نظرة والشهوة الجنسية تجاه الآخر فقد رأى علماء وخبراء في دراسة جامعة شيكاغو أن منطقة توجيه النظر نحو الشخص الآخر تحدد إن كانت المشاعر هي مشاعر حب حيث يكون النظر بشكل مباشر إلى عيون الشخص الآخر أما إذا كانت النظرات محصورة بالأجزاء المثيرة والحساسة من جسم الآخر فإن المشاعر هي مشاعر شهوة ورغبة جنسية بحتة وليست إعجاباً أو حباً من النظرة الأولى.
انتهى
وهنا يظهر جليا فوت الإسلام ونجاعته كدين سماوي عندما حرم استطالة النظر للمفاتن بين الرجال والنساء لكونها تستحث الغرائز، وما يبنى على الغريزة لايكون مآله حميدا.
لذلك يحرص الإسلام على أن يكون المدخل للعلاقة الزوجية متوازن مابين العاطفة والعقل.
ولعلي اذكر هنا (قناعات) لزميلة دراسة سابقة والدها عالم علم نفس شهير، كانت تبني تصوراتها عن الرجال على الشبه الشكلي بأحد الحيوانات، اقسمت لي بأن تشبيهاتها تلك لم تجافي حقيقة تقييمها لسمت شخصيات الكثير من الرجال ممن حولها ابدا، وتقول نظريتها بأن القوام النفسي والسلوكي لأي حيوان طالما هو ثابت واصيل فإنه الأصلح للمقايسة مع بني البشر لكونه مؤسس على الغريزة، وقد دللت لي ذلك بالاتي:
(اذا اتى الانسان بجرو كلب منذ ولادته وعزلته عزلا تاما فهو لا محالة سينشأ كلبا لا يختلف عن رصفائه في شئ حتى ان وضعه بين الاسود)! وعليه فإن الإنسان فيه الكثير مما يمت إلى الحيوانية في خبايا نفسه، فمن يشبه الثعلب في خلقته أو تقاطيع وجهه يكون متصفا بالمكر والقدرة على التحايل…وهكذا.
لكنني أقول بأن أيما انسان إن تمكن من التسامى بنفسه بجهد ذاتي أو نتاج محيط اثّر عليه فستنغرس في نفسه سمات ومواصفات جديدة بالرغم من شبهه بحيوان ما…
ومن يقرأ في كتب التراث يجد العديد من العلماء المسلمين تحدثوا عن طبائع الحيوان وعلاقتها بطبع بعض الناس، يقول ابن القيم رحمه الله عن النفس الحمارية:
لم تخلق ألا للكد والعلف، وكلما زيد في علفه زيد في كده، وهو أبكم الحيوان وأقله بصيرة
ولهذا مثل الله به من حمّله كتابه فلم يحمله معرفة ولا فقها ولاعملا،
وقال عن النفس السبعية:
غضوب، همه العدوان على الناس وقهرهم بما وصلت اليه قدرته، طبيعته تتقاضى ذلك كتقاضي طبيعة السبع لما يصدر منه.
وعن النفس الفأرية قال:
فاسق بطبعه، مفسد لما جاورها، تسبيحه بلسان الحال: سبحان من خلقه للفساد!
وكذلك فإن للرؤيا ارتباط بالحيوان، يقول ابن سيرين أن الرسول صلى الله عيه وسلم رأى في قصة معركة أحد بقرا تنحر، فكان الشهداء من المسلمين في تلك المعركة، فان البقر أنفع الحيوانات للأرض، وبها صلاحها وفلاحها مع مافيها من السكينة والمنافع والذل (بكسر الذال)، فأنها ذلول مذهلة منقادة غير أبية.
وبالطبع فإنني أعلم سلب وقع فرضية تشبيه شكل الحيوان وطبعه على الكثيرين منا، لكنني حقا من الذين اقتنعوا به، وكم افدت منه خلال حراك حياتي، وقد عززته لي الكثير من التجارب والخبرات الحياتية خلال اسفاري الكثيرة عندما كنت لا أجد الكفاية من الوقت لسبر اغوار الشخوص، فلا ألبث إلا النحو إلى تشبيه من أقابل بالاشبه به من الحيوانات، مما نأى بي عن الكثير من الاشكالات، ولعلي أورد مثالا لذلك في سياق قصة عايشت تفاصيلها في ايرلندا لاحقا بحول الله.
[email protected]

تعليقات
Loading...