الكاتبة أميمة عبدالله:اسمنتية الخرطوم تخنقني، وفي مارس نجدد السعادة.

مرايا برس :الخرطوم

بوابة الولوج…

أنا أفكر اذن انا موجود، عمداً تتحول الجملة لتشمل معها الكتابة، فالكتابة عصف ذهني يحتاج لطقوس خاصة، وحالة إبداعية ليست في متناول الجميع، من حباهم الله بهذه النعمة هم حتماً مغبوطون، جليستي اليوم كاتبة بطعم القهوة السودانية  ولون الجنزبيل، تعتمد السكون طقساً لكتابتها وتجتر الحنين حتى تكاد تتلاشى وجعاً وحنيناً للوطن، يكفي أنها مسكونة بالحب المطلق لكل شئ وليس ذاك المؤطر في علاقات شخصية ضيقة، ظهرت عبقريتها الأدبية منذ الصغر، لها عدد من الروايات والمجموعات القصصية فازت بعدة جوائز متربعة على المركز الأول لعدة مرات، قدمت برامج بإذاعة المساء، وانتقلت لعالم الوظيفة مؤخراً. الكاتبة السودانية أميمة عبدالله صالح…

– تغيير المسار من الصحافة للإذاعة هل هو أمر طبيعي؟

عادة بعض الصدف تصدق معنا فتغير مسار أقدارنا ذلك ما حدث معي تغير حدث ذات مساء جعل أستاذي حسين خوجلي يلح علي للدخول لعالم الإذاعة كلما سقته من أسباب أتجنب بها هذا الإنحراف في المسار فشلت، دخلت عالم الإذاعة مع أني كنت أسعى أن يعرفني الآخرون من قلمي فقط، كنت لفترة طويلة أتحاشى أماكن التجمعات الثقافية وإعتذر عن إجراء حوارات صحفية حتى أتجنب الظهور لكن بعض الأقدار تنتظر لتصطادنا في لحظة.

– هل يمكن للكاتب أن يكون حيادياً في قضايا وطنه؟.

لا يمكن أن تأمن على قلبك في قضايا وطنك والحياد لا يجدي نفعاً والكاتب يحمل قلباً أكثر التقاطاً للأحداث وقضايانا وقصصنا الإنسانية التي لا يعلم عنها الآخرون شيئاً، الكاتب ليس سوى قلب كبير له قدمان لكننا لا نكتب كل ما يقوله هذا القلب، فالقلم له إحترازات وبداخلنا رقيب داخلي ينهض أحياناً ليوازننا من تدفق الكلمات والجمل، الكاتب ليس سياسياً هو معني بوطنه بشكل مختلف وعندما أتحدث عن مكان ما اتحدث عنه من خلال إنسانه البسيط المقيد بالحزن والأسى أجد نفسي دائماً أكتب عن البؤس والحزن ولا أدري لما.

– أميمة هل تبكين على الأطلال. مكان، شخص، موقف ما؟

أنا لا أحسن شيئاً في الكتابة غير البكاء والحنين قلمي بينهما تائه ولا مخرج، معلق بين سماء الحب وأرض الحنين وبينهما البكاء علناً على إنسان بلدي، هو ليس شخصاً ما أو موقف ما، خطأ أن يُعتقد أن الكاتب يبكي حنيناً لتجربة خاصة أو شخصا خاص، الكاتب وطن ممتد، أننا نكتب عن حكايات وقصص وأشخاص سمعنا بهم، ونكتب لأجيال قادمة بعد عشرات السنين سيأتون ليعرفوا كيف كنا نحيا ونحب ونكره ونعيش وكيف كنا مع الوطن.

– الحنين مصيبتنا ونحن به منفيين داخل أوطاننا هذا قولك؟

وهل الحنين غير ذلك يا صديقتي؟. الحنين قيد من ورد وطوق نربط به أنفسنا عن رضى، إحساس يملؤني أحس دائماً بأني غريبة وبعيدة، أين مرساي لا أدري.

– هل لديك حنين للخرطوم وزحامها كمكان؟

لا أحب حياة هذه المدينة، أتمنى لو أُغادر هذه الخرطوم يوماً الى قرية في قلب فضاء مفتوح ، أسمنتية الخرطوم تخنقني، إنه اقسى أنواع النفي، أن تكون في وطنك وتبحث عن الوطن.

– طقوسك الكتابية؟

أُحب الهدوء والعزلة والسكون، لا أكتب عندما أكون مع الناس وعندما تشغلني تفاصيل الحياة العادية، أُحب ان أكون وحدي، رواية نور القمر كتبتها في عزلة كانت بالنسبة لي رائعة، حتى هاتفي كان لا يرن الذين كانوا يتواصلون معي محدودين جداً.

– والآن؟

الآن أنا أعتذر لأميمة الكاتبة لقد غصت في تفاصيل الحياة كثيراً.

– إعلان الحب لا يحتاج الى لسان، العيون تكفي، نص إعترافي؟.

نعم وهل يحتاج الحب الى لسان ليتحدث، الحب هذا الكائن الغريب الذي ينجح بإمتياز في غزوه هو الكائن الوحيد الذي بإمكانه تغيير خارطة القلوب وتوجيه دفتها حيثما أراد، عندي الحب سلوك قبل العبارات أو هو أصلاً لا يحتاج الى تلك العبارات الحياة تصبح عظيمة بالحب ويصبح لها قيمة سامية بالحب أيضاً، إنه يرقق الطباع ويسمو بالقلب حد السحاب ويلون كل الأشياء بلون البرتقال، الحب كائن صادق لذا هو عظيم.

– الكاتب يكتب عن نفسه ودواخله ام نيابة عن آخرين؟.

الكاتب لا يكتب عن نفسه، نعم. أحياناً بعض مشاعرنا تغافلنا لتندس في أحد النصوص ، مستحيل ان يكتب الكاتب عن نفسه والا كيف سيكون كل تلك الحيوات المختلفة عبر كتبه.

– هل ثمة إتهام واجهك في بعض نصوصك؟.

كتبت ثلاث روايات أماديرا ونور القمر وذاكرة مشلولة وثلاث مجموعات قصصية، أُتهمت في بعضها ببعض المواقف لكن تبقى سعادتي بهذه الإتهامات، فقد نجحت في تضامن القارئ مع بطلات رواياتي حد ظنه أن ما حدث معهن حقيقة، سنظل نحن النساء نكتب وسنظل نُتهم لكن لن نمل الكتابة من أجل الإتهامات.

– ماذا أضافت إليك الوظيفة؟.

تحتاج في  فترة ما من حياتك أن تكون ملتزما تجاه شئ ما قد يكون هذا الخيار وظيفة ،بالنسبة لي مررت بمتغيرات  كثيرة وكانت حياتي محطات ، صعود مستمر في القطار   ونزول بعضها كان صادماً ، قديما قبل عشرين عاما قال لي أحدهم لكي تصبحي كاتبة لابد أن تخوضي الحياة بدلا عن الجلوس هكذا في المدرجات ومن يومها وانا أسير.

أضافت لي الوظيفة الكثير ، هي بالنسبة لي تجربة واسعة منحتني المعرفة بالناس كانت المنفذ إلى علاقات ثرية  مع آخرين

صادفت فيها أناسا صاروا لي أصدقاء وأحباب وأهل

وسعت الوظيفة في فضاء الكتابة عندي،ربما الآن انا  أكثر نضجا.

– أين أميمة الكاتبة هل هناك صراع بين أميمة الكاتبة أميمة الموظفة ؟

هنالك أحيانا قلق كبير اشعر به ويصعب على زملائي في الوظيفة استيعابه،  هو قلق الكتابة الذي يعتمل في الصدر و أعجز عن السيطرة عليه   ، إلا أنهم يقدرون تقلباتي و انا اشكر لهم ذلك حقيقة

عموما احاول التوفيق بصعوبة بين الأميمات الكثيرة في داخلي احاول ان اجمع بينهن لنتوافق.

– مارس شهر المرأة. هل هذا تحجيم أم تكريم ؟

 تعرفي نحتاج إلى تاريخ محدد لمراجعة أمور حياتنا

في رمضان نجدد إيماننا

وفي الأعياد نجدد السعادة ولو مؤقتا، نجدد  لقاء الأهل و نتصافح بفرح وفي مارس نراجع حقوق المرأة والقوانين والتشريعات الأرضية حتى قانون الأحوال الشخصية

نحتاج إلى وقفة والى طاقة إيجابية والى تاريخ محدد للإحتفال و ان نتبادل التهاني نحن  النساء مع بعضنا في كل العالم مع اختلاف الجغرافيا واللغة

وكل مارس و نحن أزهى وأكثر  عطاءاً.

 – السودان الذي نريد. رؤية لسودان الغد؟.

حسنا يجدر بنا هنا أن نقول

أن ما نريده هو حلم وما سيحدث  هو الواقع

نحاول ان نكون واقعيين وأن نعترف أن الطريق طويل جداً للوصول إلى سودان متفق عليه وموحد ، شتاتنا عظيم ، نحتاج إلى إصلاح الوجدان في داواخلنا ، نحتاج إلى احساس الوطن وحب البلد.

نحتاج أن نجتمع ونحتاج أيضا إلى دليل فالسفينة متعثرة لكن قطعا هنالك صباح.

تعليقات
Loading...