المخرج التلفزيوني محمد علي مخاوي لمرايا برس: أنا مدين بالكثير لمدينة نيالا.

مرايا برس

..

*أنا مدين بالكثير لمدينة نيالا.

*قاف تجربة مختلفة واهتمت بأفكار سودانية في الإنتاج الدرامي

*نعم تعاملت مع فرقة نمارق رغم إختلافي الفكري عنها.

حوار: خالد البلولة

الأستاذ محمد علي مخاوي، مسرحي وشاعر غنائي واذاعي، كتب واخرج للراديو والتلفزيون منها سلسلة درامية لتلفزيون الفاشر وخمس مسلسلات للإذاعة السودانية، و17تمثيلية وأخرج عشرات الأفلام الوثائقية منها فيلم النوريق ومرايا متعاكسة فاز في الصين بالجائزة الثانية سنة2009م هو فلم يتناول التعايش الديني في السودان وانجز بين المسالمة وقرية الكباشى وكتب السيناريو عبد الحفيظ مريود وله كتاب عن النقد التطبيقي عرفته فى المعهد العالي للموسيقى والمسرح كان يسبقنا بثلاث دفعات وتوطدت العلاقة إبان عملنا في التلفزيون، جاء من دار حامد فى ديار كردفان، إلا أنه يؤمن إيمانا لا تشوبه ردة بقول الشاعر إبراهيم العبادي الشهير:

جعلي ودنقلاوي وشائقي ايه فأيداني **غير ربت خلاف خلت أخوي عاداني
خلى نبأنا يسري فى البعيد والداني ***يكفي النيل أبونا والجنس سوداني.

تواصلت معه عبر تطبيق التراسل الفوري (الواتساب) وطرحت عليه عدة موضوعات ثقافية وفنية تنوعت بين العام والخاص، وافق مشكورا على الإجابة عليها فمرحبا به.

-بدأت حياتك الفنية عبر بوابة المسرح، هو الذي قادك الى ممارسة الاخراج والالتحاق بالإذاعة والتلفزيون لاحقا؟.

بدأت المسرح منذ يفاعتي ولكن تجربة الثانوي في نيالا هي التي وضعتني في الإتجاه الصحيح ، ففوزي بعدد من جوائز الدورة المدرسية جعلني مرغوبا لدى المخرجين فدعاني باكراً صلاح شكوتي للتمثيل في مسرحية (والله تغيرت يا زمن) التي كتبها الموسيقي حافظ عبدالرحمن مختار ثم كلفني عوض الكريم عبدالقادر بأداء دور البطولة في مسرحية مطر الليل التي كتبها محمد محي الدين وبعدها مثلت وأخرجت عدة أعمال في مسارح نيالا والفاشر ولم أتوقف عن التمثيل والإخراج للمسرح إلا بعد تفرغي للإذاعة والتلفزيون .لذلك كان المسرح سبباً في التحاقي بإذاعة نيالا فأنا اشتهرت هناك  ممثل ومغني وشاعر ولهذا طلبتني الإذاعة مقدماً للبرامج وتعلمت كيف أسجل الصوت وصرت بعدها أسجل أعمالي لوحدي وأقوم بالإخراج ،أما التحاقي بأم درمان فقد إختارنا صلاح الفاضل ونحن خمس للعمل بالإذاعة براتب مجمد ونحن مازلنا في السنه الثالثة.

-وتهوى كتابة الشعر الغنائي بمزاج عال وعلى كيفك ؟.

كنت في بداية حياتي مغنيا وربما دفعني هذا لكتابة الشعر الغنائي وصادف وجود الأصدقاء عبدالاله منصور ومحمد الصادق بجواري في إنتاج عدد من الأغنيات وصادف لاحقاً بعد أن التحقت بالتلفزيون وجود ابراهيم حماد في تقديم أعمال من ألحانه وغالباً أبدأ اللحن، فيأخذه ويكمله ويصلح ما فيه.

-بدأت من إذاعة نيالا وهي تجربة جديرة بالتوقف عندها ومنها الى أمدرمان حيث، الإذاعة الأم وبعدها التلفزيون وقناة النيل الأزرق؟.

أنا مدين إلى مدينة نيالا بكثير من معارفي وسندي الوجداني حين كنت طالبا فيها كانت رابطه جنوب دارفور للثقافة والإبداع في كامل ألقها كان الشاعر عالم عباس علي رأسها وكان هناك شمو ابراهيم شمو وصلاح شكوتي والتجاني محمد خير وابراهيم أبكر وزين العابدين محمد شريف وغيرهم ، و بدأ حافظ عبدالرحمن مختار موسيقاه على مسارحها وود أب جولة ويوسف باب الله وعدد كبير من الموسيقيين منهم عمر إحساس  وأحمد باص وترنين وميكائيل وسوناتا ومحمد سليمان كانت نيالا تحتضن الجميع وكنت تسمع القصة هنا مع مختار وتقرأ قصائد بخيت عبيد وكانت مجلة أزوم تخرج للناس أول كل شهر وفوق ذلك كانت لنا مجموعة نشطة، عبدالاله منصور ومحمد الصادق ومحمد علي محمد الحسن وحمدان ابراهيم وبليت كوكو ورهط غير هين نسمع رنة شعر في المريخ وحناجر حين يزيد الوجد تصيح:
تيلم تيلم
تيلم دانجو
دانجو سقرقر
سقرقر مصران

ونختمها بهذه الصخرة جئناها صباحا ومساء
وروينا قصص الحب عليها سعداء.
كنا نقرأ كثيراً ونكتب ونغني ونجلس في وادي برلي ولا نلقي بالا إلا للجمال ونحن في ذلك العمر الباكر قدمنا سولارا للفيتوري والإمبراطور جونز ليوجين أونيل وكتبنا جماعياً مسرحية موسيقية، بإختصار في نيالا جربت كتابة الشعر والمسرحية والغناء والتلحين والتمثيل والإخراج وكيفية رقص الكرنق والسنجك وبقارة حرة.

-إذن خلفت إرثا برامجيا مميزاً ، حدثنا عن تلك التجربة ؟.

نعم من أشهر البرامج الإذاعية في إذاعة نيالا، جلسة عصر وبرنامج مع ما يعرف بالهمباتة قمت بإعداده وتقديمه وإخراجه، أما في الإذاعة السودانية قمت بإخراج إستراحة المساء، وأقبل الليل والبث المباشر وفنون تشكيلية. وفي التلفزيون أخرجت صباحك يا بلد ومشوار المساء وملامح ومواسم وسحر القوافي وصباح الخير وطرب الغبش والآن حوار البناء الوطني وبلا ضفاف (برنامج جديد) وفي قناة النيل الأزرق أخرجت سوا سوا ومركز الدائرة وكتاب وهمس الأماسي وعطر المجالس وقيثارة المساء.

-هذه التجربة الاخراجية الثرية أسهم فيها التدريب دور كبير ؟.

تلقيت دورات تدريبية مختلفة دورة عن الثقافة والتنمية بتنظيم من منظمة فريدريش آيبرت ودورة فى الإخراج التلفزيوني مع خبراء من جنوب أفريقيا ودورة عن إنتاج المجلة التلفزيونية خبراء من DW   ودورات مختلفة عن كتابة السيناريو خبراء من مصر وسوريا ودورات عن Identity and brand خبراء من BBC ودورة عن صنع الفلم الوثائقي كانت بإيران ودورة عن صنع الترويج بسوريا.

-تعد الدراسة في المعهد العالي للموسيقى والمسرح إضافة نوعية للمهتمين والممارسين للفنون الدرامية والموسيقية؟

الإضافة الحقيقية في المعهد ليس المكون الأكاديمي رغم أهميته ولكن مجتمع المعهد والتثقف المستمر، فالوجود الدائم للخريجين في المعهد والداخلية ،فيه إضافات كبيره جدآ، فالنقاشات والقراءات والنشاطات الثقافية كلها أشياء يرثها الطالب الجديد من قدامي الخريجين ورغبة الناس الدائمة للنقاش في الفن تدفعك دفعا للقراءة والتسلح بالعلم وتضعك دائماً تحت ضغط الحصول على مزيد من المعارف وإلا صرت خارج سياق الحوارات، وبسبب ذلك قرأنا ابن عربي والرومي وابن خلدون والماركسية وديكارت وكولن ويلسون والوجودية ،ومدارس فلسفية كثيرة ،فكان لأحمد طه أمفريب وخالد نيجي وجمال سوزي أثراً مباشراً في التعرف عليها ، والمعهد بالنسبة لي هو التجربة الأغنى في حياتي لم يعلو عليها إلا ما تعلمته من عامة الناس في طوافي المستمر على ألأرض السودانية.

 -يرى البعض أن دفعتكم في المعهد حينئذ من اميز الدفعات التي مرت بالمعهد، وكنت تجاهر بأنك كنت من المحظوظين أنك زاملتهم؟

أعد نفسي محظوظا إذ زاملت وصادقت دفعه متميزة جدا فمن ناحية العمر والتجربة الفنية كان دفعتي العم السر محجوب وجمال حسن سعيد وعفاف النجومي وحفلت دفعتي بعدد من الشعراء سيد صوصل وجمال حسن سعيد وعاطف خيري ومجدي النور وأديب أحمد حسن وهناك محاولات شعريه غير معلنه لعاطف محجوب(البحر) وسلوى درويش وعبد العظيم محمد الطيب ومهيد بخاري عليه رحمة الله وعبد المنعم ابراهيم المشهور بعبدالمنعم شوف وأيضا زاملت إثنين  من مبدعي الجنوب ،هما تنقو بيتر ونيكولا فرانسيس وخالدة خالد من دارفور وناهد عثمان من كسلا فاذا أضفت محمد المجتبى موسى وأميرة أحمد إدريس وعوضيه مكي وناصر يوسف واليسع حسن أحمد وصلاح سينما ، تجد أنها دفعه متنوعة جداً وتكن لبعضها محبة كبيرة وهذا عامل جعل الدفعة 17 قادره علي التواصل اليومي حتى اليوم وأثرت عميقاً علي بعضها البعض.

-في تجربتك الشعرية الغنائية تعاونت مع مجموعة من الفرق والجماعات من ضمنها فرقة نمارق رغم خطها الفكري المختلف مع قناعاتك القائمة على الاستقلالية ؟.

نعم تعاملت مع نمارق رغم اختلافي الفكري عنها  ، أنا مؤمن بفكرة أنك واجد نقاط إتفاق مع كل الأطياف فحتى الساعة المتوقفة تتفق مع الحقيقة مرتين وأنا تعاملت فنياً مع شيوعيين وإسلاميين وأمة إتحاديين وغيرهم من ألوان الطيف ما يهمني الفكرة إن إتفقت معها لا أتردد في دعمها  والشباب الذين كانوا في نمارق بعضهم كان إسلامياً ولكن أغلبهم كانوا غير منتمين وحتى لو كانوا كذلك فما يهمني هو تقديم فكرتي كما أراها ، لا أحفل كثيراً في الفن بالإتجاه السياسي فأنا معجب جداً بفنون أنتجها اليسار ومحتفل بكل  جميل أخرجته التيارات المناهضة لهم سياسياً.

– سمعتك تحكى أن تجربتك الإنتاجية مع قاف تجربة مختلفة هل حقاً مختلفة، أم لأنك زميل دراسة لصاحبها ؟.

أنا عملت مع شركات عديدة ولكن قاف تختلف لسببين. أولا:أن مديرها كان من ذوي الإختصاص اليسع حسن أحمد كان دارسا وأستاذا جامعيا وفوق ذلك كان ود بلد وهذه مهمة جداً لأن غالب الشركات كان من يديرونها يفتقرون لهاتين الصفتين مما جعلها في حالة تجاذب يومياً مع الفنانين.
ثانيا:الذي يميز قاف أنها تناولت أفكاراً سودانية وإنحازت تماماً لذلك على مستوى الدراما فأنتجت مسلسلين فيهما فكرة مميزه كتبهما الصلحي وأخرجهما قاسم أبوزيد ولأول مرة في تأريخ الإنتاج الدرامي في السودان تسلم شركة أعمال مكتملة بعد أن أوفت بكل المستحقات المالية والأدبية ثم أنتجت أعمال ذات قيمه عالية مثل فكرة جبار الكسور وحين هجمت العباءات على الشارع السوداني قدمت أغنية التوب واهتمت بفناني الهامش مثل سبت عثمان صاحب أغنية حليمة وغيرها. وأعتقد أن الإفلاس الذي أصابها متعمد، فقد ماطلتها إدارة التلفزيون يومذاك في دفع مستحقاتها لمدة خمس سنين حتى إنماص رأس مالها ولكنها تظل تجربة عظيمه تعلمنا منها.

-صوصل حالة إبداعية متفردة لم يستوعبها الواقع السوداني المتخصص والعام، بحكم الزمالة والمعرفة اللصيقة بتجلياته الابداعية، ماذا تقول؟.

صوصل حالة سودانية خالصة /ممثل /كاتب /مخرج /شاعر /مفكر وإنسان نادر على طريقته وعنده قدرة عالية على خلق العلاقات ليس مع الإنسان وإنما مع الأشجار والحيوان تجده يوسع من حوض شجرة حتى يصلها الماء ويجمع يوميا بقايا الخبز ويسحنها لتأكل الطيور عنده قدره كبيرة على الإحساس بالناس ومشكلاتهم ويمكن أن يقضي معك أسبوعا ساعيا في إيجاد حل وهو غريب جدا في إصطياد الأفكار ومسرحتها ولا أظن أن سودانيا كتب نصوصا مسرحية بالقدر الذي فعل سيد  ولا آخر غيره قدم مسرحاً للرجل الواحد وطاف السودان مثله، فسيد مغرق في التفاصيل وعارف وأنبه إلى الكلمة الأخيرة فلو كان في بلاد تحتفي بالكتاب وتوفر لهم ما يسد الرمق لنشر سيد وقدم على المسارح كل يوم نص أو عرض فلديه القدرة علي ذلك ولكن شغلناه بالمعايش ومع ذلك قدم نصوصا وعروضا أكثر من غيره تنوعت وتباينت واستمرت دون انقطاع.

-الناظر الى الزواج بشكل عام يرى فيه تعقيدات كثيرة، فكيف بزواج الوسط الفني، العمل البروفات، طبيعة عمل الإخراج، فأنت وزوجتك تعملان فى مجالات ذات طبيعة إبداعية واحدة وتحتاج الى جهد متعاظم؟.

أنا لم أنظر لزوجتي كمخرجة وممثلة وإنما إنسانة مسؤولة لديها قدرة تحمل بيت ورجل وأطفال امرأة تؤازرني في أوقات اليسر والعسر وتقبلني بعيوبي قبل حسناتي فإن توفرت الشروط في إمرأة من القبيلة المسرحية فذلك أفضل والتجارب غير المكتملة موجودة حتى خارج الفنانين ولكن لأن العين على المسرحيين فإن إخفاقهم يكون ملحوظاً ونحن واصلنا حياتنا بتوفيق الله ولسنا وحدنا فهناك اليسع ونفيسة وعبد العظيم وعوضية ومحمد نورالدين وربيعة ومحمود عوض ورحاب والسبحة طويله ولله المنة.

-إذن برأيك أن الرأي السائد الذي يشير الى فشل زواج المعهديين من بعضهم البعض غير صحيح؟.

نعم قد يرى البعض أن زواج المعهديين من بعضهم فاشل ولا ينظرون إلا لتجارب بعينها ويعممون عليها، ربما لو قمت بحصر عشوائي ستجد أن التجارب الناجحة ربما كانت أكثر، ابوعركي وعفاف فعيسى وشادية مغازي وعوض الله وحواء المنصوري وكمال يوسف وأروي الربيع وأنا وأميرة واليسع ونفيسة، عبد العظيم وعوضية ومحمد نورالدين وربيعة، محمود عوض ورحاب عثمان النو ونجوى عموري من المعهديين أيضاً زهير حسن أحمد وناديه غانم وسعد يوسف وسوسن دفع الله وهبة حسن صالح ومحمد أحمد ادريس.

-الفرق والجماعات المسرحية، (الأصدقاء/ السديم / نمارق / شوف، النفير وغيرها، كيف تنظر لتحديات الاستمرار؟.

تجارب الفرق المسرحية قصيرة ، إذا إستثنينا الأصدقاء فهي الفرقة الوحيدة التي واصلت زمناً طويلاً ، وأعتقد أن فكرة جمعها لعدد كبير مختلف أكاديمياً ومستقل إقتصاديا هو الذي جعلها تعيش، كما أن الطيف الذي فيها جعلها أكثر إنفتاحا على الأفكار، فقدمت بيان رقم واحد وجاءت لتقدم المدرسة المختلطة ووجدت رواجاً لم تسبقها إليه مجموعة من المجموعات التي كونها خريجو المعهد وقدمت عروضاً ناجحة جماهيرياً وفنيا وهذا ما ميزها على غيرها من الفرق فالسديم ونمارق وشوف والنفير خلقت عروضاً ربما مميزة فنياً لكن إفتقرت للرواج الجماهيري والكسب الإقتصادي والإستمرارية وفي تقديري إذا توفر للأصدقاء مدير إنتاج مختص لحققت كسبا مالياً وكسرت حاجز الفقر الذي كبل المجموعات المسرحية.

-أيهما برأيك أفضل. وجود المعهد ضمن حاضنة أكاديمية (جامعة السودان) أم وجوده بعيداً عنها كما كان في السابق ؟.

المعهد كان مؤسسة مفتوحة على التجريب، في تقديري الشخصي أن إنضمامه لجامعة السودان أضر به كثيرا على مستوى المفاهيم فالنهايات مختلفة وعلى مستوى المباني ففي الفن ليس هناك قانون ثابت بينما عناصر الماء ما تغيرت ومن الصعب أن تتمازج الرؤيتين ولأن الجامعة كانت مسيطره، فقد خسر المعهد كثيراً،أول ما خسر إنه صار بإمكان أي ناجح في الشهادة السودانية دخول الكلية فانتهى إختبار القدرات وقلت نسبة المواهب كثيراً فما كل ناجح موهوب وبالتشدد على النجاح الأكاديمي فقدت مواهب عدة فرصها في الإلتحاق بالمعهد الذي صار كلية، أيضا الإصرار على الشهادات حال بين عدد كبير من الأساتذة ذوي الخبرات من الإستمرارية ،في الفنون اكتساب الخبرات بالتجارب وليس بالشهادة فصار لدينا عدد كبير من حملة الشهادات العليا ولكن المستوى العام للخريج تدني كثيرا وأعتقد أن إنشاء أكاديمية تضمه مع كلية الفنون كان خياراً أفضل.

– الممارسة السياسية الطلابية في المعهد العالي للموسيقى والمسرح تختلف كلياً عن ممارستها عن بقية الجامعات، من واقع تجربتك ماهي أسباب الإختلاف، هل هناك أدلة وشواهد تعضد رأيك ؟.

أقول دائماً أن الممارسة السياسية في المعهد العالي للموسيقى والمسرح هي الأفضل على مستوى الجامعات، فنحن شهدنا أركان نقاش في جامعات السودان والخرطوم والإسلامية والقاهرة الفرع وفي غالب أمرها كانت تنتهي بمعارك دامية وتجد أن العلاقات بين التنظيمات متوترة وعالية التنمر. أما المعهد فالممارسة السياسية فيه راقيه ويتم الإعتراف بوجهة النظر المختلفة ولا يتم أبداً إنتقاص حق أحد، لأنه مختلف ولا ينتهي ركن نقاش إلا وكان طرفي النقيض فيه يجلسان معا حول صحن فول أو كوب شاي بل يحدث كثيراً الزواج بين طرفين مختلفين تماماً في السياسة والأغرب أن الذين مارسوا السياسة في المعهد حتى في أحزابهم تجدهم منفتحين على الآخر كمثال لذلك فالسر السيد حين كان مديراً للدراما بالتلفزيون إحتضن اليسار ودافع عنه ووجدت بعد الثورة يساريين دافعوا عن السر السيد بينما غيرهم مارسوا عنفاً لفظيا وربما أكثر ،للأسف ذلك الفهم المتقدم دمره ما صدرته الإنقاذ من عنف تجاه المختلف.

– يواجه تلفزيون السودان حملة منظمة ومنتظمة، علماً بأنه، أسهم في تسويق أفكاره البرامجية وكوادره لقنوات كثيرة محلية وخارجية، ورغم تاريخه الطويل والراسخ لم يحظى بإهتمام الدولة، من واقع تجربتك ما الهدف من الحملة ما هي إشكالاته وما الذى يحتاجه التلفزيون؟

التلفزيون القومي  ظل دائما يدفع فاتورة الأنظمة الشمولية وحتى في فترات الديمقراطية ظل القرار فيه خارج سيطرة المهنيين وفي فترة الإنقاذ تعرض إلى سطو بالغ ،شرد المختصون فيه وتم تحويله من قناة منوعات الى قناة سياسيه كاملة ،حملته الإنقاذ كل ما تستطيع من أفكار مباشرة وبطريقة مؤذيه للتخصص إلى درجة أصبح يمثل الإنقاذ تماماً ،مما جعل عددا كبيرا من السودانيين يرون فيه الحكومة بكل سوءاتها ، وبعد إتفاقية السلام مع الحركة الشعبية أدارت الحكومة ظهرها له تماماً وعملت على تحطيمه بالإيقاف المتعمد للبرامج الناجحة فيه فأوقفت الدراما وبرامج دنيا وشوارد وأصوات وأنامل وكل برامج الموسيقي والبرامج الشعبية ،وتركته لبرامج يغلب عليها الطابع السياسي وتنقصها الدربة  ولم تتكرم عليه حتى بتحديث أجهزته وظل يعمل بمحبة العاملين ، وحين قامت الثورة ورغم مشاركة عدد كبير من العاملين بالتلفزيون فيها إلا أن غالب الناس كانت تراه تلفزيون الكيزان.
أنا فيه وأعلم أن غالب العاملين لا ينتمون للجبهة وفيهم من له مواقف واضحة ولكن إحتاج التلفزيون لوقت لإثبات بعض الحقيقة  والتلفزيون فيه خبرات كبيره وسودانية مخلصه لبلادها فقط ،ورغم مرور عام ونيف من الثورة إلا أن النظر للتلفزيون مازال حذراً ولم تبذل أية جهود للنهوض به وكان من الممكن وبحسب قدرات الناس فيه أن يلعب دوراً مهماً في الفترة الإنتقالية اذا تم تأهيله وفي ظني أن التلفزيون يحتاج إلي منظور ثابت يجاز ويتفق عليه ويكون أفضل إن تم تحويله لهيئة يأخذ جزء من أسهمها الشعب السوداني حتي لا يكون عرضة للسطو عليه من الأنظمة السياسية.

تعليقات
Loading...