خالد البلولة يكتب:خواطر في حضرة الراحل المقيم المهندس يوسف لبس.

مرايا برس

– غيب الموت القيادي بالمؤتمر الشعبي المهندس يوسف لبس إثر حادث مروري مؤسف. ويعتبر لبس من أشهر السجناء في عهد الإنقاذ رغم انتمائه للتيار الإسلامي ومشاركته الفاعلة سياسياً وعسكرياً في إرساء دعائمه.
رحل يوسف لَبْس عنا ولَم يمت ولَم تمت قيم التسامح والإخاء والمحبة وصفاء النفس وتجاوز الأطر الضيقة التي مازلنا نتمثلها رغم إدعائنا قيم وسلوك الإسلام التى أرساها ،يوسف لَبْس، مارس الدين الاسلامي في تفاصيل
حياته وآمن بفكرته التي استمدها منه إيماناً لا تشوبه ردّة.
لم تربطنى بالراحل ثمة علاقة ولا أعرفه معرفة شخصية لكن إهتمامي وتنامي إعجابي به بعد خروجه من السجن وإطلاعى على المقابلات التى أجريت معه ،فالرجل ظل مؤمنا ومتمسكاً بمبادئه فى زمن قل فيه إيمان (الرجال) وتمسكهم بمبادئهم، ولا أعنى بالرجل النوع ،انما الانسان ،
ومن الأشياء التي ذكرها: أن أحد الأشخاص قال له لماذا لا تتحدث وأنت تعرف كثيراً من الأشياء عن إنقلاب الإنقاذ ، فقلت له من لم يحتفظ بالأسرار إذا انتقل إلى أي مكان آخر فلن يكون مأموناً)
رجل بهذه القيم والمثل والأخلاق يسعى اليه أي صحفي حصيف وهذه القناعة جاءتنى بعد الإطلاع على الاجابة السابقة وكثير من حوارته الصحفية. وانتخبت بعضا منها لتأكيد قناعتى بما قلته عنه..
-يقول يوسف لَبْس (أنا تخرجت من جامعة الخرطوم وزوجتي تخرجت من جامعة المنصورة المصرية كلية التربية، وزوجتي من أقصى شمال السودان، من جزيرة مساوي، ودائماً عندما يتم التزاوج بين أحد من الشمال والغرب أو الشرق يكون الرابط بينهم العمل وما جمعني مع زوجتي تجمعات الحركة الإسلامية وتعرفت عليها وتم الزواج.)
وأضاف (لم يكن مرتبا لذلك الزواج ولكن عندما يؤمن الإنسان بالفكرة والمنهج يعلو ذلك على كل شيء ولذلك يفضل أن تكون شريكة حياته على نفس المنهج ولذلك كثر التزاوج بين منتسبي الحركة الإسلامية.
-الحركة الإسلامية تجاوزت النظرة الضيقة القبلية و هذا أدب الحركة الإسلامية ولم يكن هذا الأمر ظاهراً وكان الواحد منا يستحي يسأل الآخر عن قبيلته بالرغم من أن ذلك مشروع وطبيعي.

-والله أنا اقول دائماً إن من نعم الله عليَّ أن طوال فترة سجني التي تجاوزت الثلاثة عشر عاماً لم أمتعض أو اتذمر، وأسرتي لم تأتِ لي يوماَ في السجن تخبرني بأي ضيق مر بها إلا بعد أن خرجت من السجن وعرفت أن هنالك بعض الظروف التي مرت بهم كأي أسرة حتى وإن كان عائلها معها، وهنالك إخوان وقفوا مع أسرتي أثناء محنتي ومنهم عمنا المرحوم الشيخ ياسين عمر الإمام الذي تولى أمر أسرتي في غيابي دون علم أي أحد، وما قدمه ياسين عمر الإمام لأسرتي خارج الأطر التنظيمية للمؤتمر الشعبي كان كثيرا، وأسأل الله أن يتقبل منه ويشمله بواسع رحمته وعظيم مغفرته.
-أنا لا أحمل غبنا تجاه أي شخص ،وانا أعفو عن كل من ظلمني ، فالحياة كلها تراض حتى على مستوى الزواج ، ومن باب أولى في أمر السياسة والحكم . وانا عبر صحيفتكم أصفح عن أي شخص كان سبباً في ظلمي . ورغم أني قد تعرضت لظلم كبير جداً لكن إذا توقفنا عند خطأ ارتكبه من ظلمنا فالخطأ سيكون مستمراً ، لابد من بدء صفحة جديدة في الحياة.

-مايؤلمني أن الحاج آدم سئل عن موقفه الأخلاقي من عدم إطلاق سراح من كانوا معه فأجاب بأننا تابعين للحركات المسلحة ، وهو يعلم اننا كنا مع بعض وتابعين للمؤتمر الشعبي لو قلت لك أن علاقتي بالحاج آدم غير طبيعية فلن أكون صادقاً معك. لأنه زارني في البيت بعد خمسة أسابيع من خروجي من السجن وأنا رددت له الزيارة في زواج ابنه، والعفو قيمة كبيرة، وأنا لا أحمل شيئاً على أحد ولكن في النفس شيء من حتى تجاه الحاج آدم بعد أن أصبح نائباً للرئيس وتحديداً عندما سأله أحد الصحفيين قائلاً له: هنالك ثمانية وعشرون شخصاً في السجن كنت أنت المتهم الأول بينهم أليس من باب أولى أن تخرجهم، رد عليه الحاج آدم بأن هؤلاء لا يتبعوا للمؤتمر الشعبي وإنما يتبعون للحركات المسلحة ونحن غير مستعجلين لخروجهم إلا بعد أن يحدث سلام بين الحكومة والحركات،وكأنه بذلك يحرض الحكومة علينا بأن لا تخرجنا من السجن وأنا عافٍ عن ذلك.

-نحن في السجن إكتسبنا تجارب كثيرة ،ومنها الفهم الصحيح للدين ، فنحن صحيح قد نكون متحمسن ومندفعين للدين لكن الفهم الحقيقي للدين اكتسبته داخل السجن ، بل استفدنا حتى من إحتكاكنا مع بعض المجرمين والمحبوسين.لذلك فباقي عمري هذا سأستغله في إنجاز عمل إجتماعي واسع ،وهذا انعكس على توجهي الأكاديمي فأنا داخل السجن إقتربت من إنجاز رسالة الماجستير في فض النزاعات في جامعة بحري.
بصراحة نحن في الحركة الإسلامية تنظيم صفوي نعيش في مثالية بعيداً عن الواقع ،فالمجتمع مركب من أنماط مختلفة ، والآن تجربة السجن أحدثت عندي تغيير كبير في هذا الجانب حتى على المستوى الأسري، ومن خلال زيارتين فقط في الأسبوع وجدت فرصة أكبر للجلوس مع أبنائي ومراقبة وضعهم الاكاديمي والإجتماعي،لذلك فالسجن ليس كله شر.

-طبعاً أنا مهندس ميكانيكي وقبل دخولي السجن كنت أعمل في السوق ولي ورش لصيانة السيارات، وبعد خروجي من السجن رجعت للعمل في السوق والحمد لله “ملقط”.

-صدقني أنا مؤمن بأن فترة السجن هي قدر من الله سبحانه وتعالى، وربما كانت لخير بمنعي من أشياء كنت سأرتكبها لو كنت خارج السجن، ولم أتضجر نهائياً من السجن طوال هذه الفترة وربما تكون هذه الفترة وقاية من الله تعالى لنا من شرور كثيرة كانت ستكون خارج السجن، واستفدت من فترة السجن في العلوم الدينية والتجارب الإنسانية والعلوم عامة.

-ما أستطيع قوله أن علي عثمان شخص عادي ولا أرى فيه شيئاً شاذاً، وكان من الممكن أن يلعب دوراً لاحتوء الانقسام ولتفادي كثير من الأشياء التي حدثت للإسلاميين ولكن لم يكن كذلك. وأما نافع فهو – كذلك – فرد عادي من أفراد الحركة الإسلامية، ولكن نافع ظاهره وباطنه واحد، ولا يخفي شيئاً، وما يضمره في قلبه تجده على لسانه وهذه محمدة تحسب له، وبرغم اختلافي معه في كثير من الأشياء ولكن صفة الوضوح التي عنده غير موجودة عند كثير من الناس. وأما غازي فهو من الإسلاميين الذين ساهموا في تاريخ الحركة الإسلامية وهو مجاهد منذ أن كان طالباً، وهو الآن خرج من المؤتمر الوطني بإعتقاد أن هنالك إصلاحاً يجب أن يكون، ولكن يجب أن لا يشذ عن إجماع الناس على الحوار حتى نجنب البلد سيناريوهات سيئة محتملة في حال فشل الحوار .

-نيران كثيفة تم توجيهها إلى الدكتور الترابي بسبب مسائل فقهية، ناتجة عن جرأته في طرح القضايا، وكثيرًا ما يختلف الناس حول تلك المسائل، ولكن سرعان ما يرجعون لكلامه إلا السلفيون لأنهم يتمسكون بالنص دون تفسير ما يحمله. وأنا لست فقيهاً حتى إتحدث عن إمامة المرأة ولكن الترابي لا يمكن أن يطرح شيئاً دون سند. وبالنسبة لصلاتي خلف امرأة فلو اقتنعت أن إمامة المرأة تجوز سوف أصلي خلفها، ولكن حتى نصل إلى تلك المرحلة لا أصلي خلفها.

-الوضع مزري للغاية ومن يقول غير ذلك غير منصف، والناس الآن تعاني بشدة في كل شيء والعُملة السودانية انهارت والشعب السوداني بطبعه قنوع ولو إستطعت توفير المعاش لهم ليست لهم طلبات أكثر من ذلك، ولكن الوضع الآن في غاية السوء.

تعليقات
Loading...