د. ناهد قرناص تكتب :دجاجي يلقط الحب.

الخرطوم :مرايا برس

اتذكرون تلك الطرفة التي ظهرت في بدايات الانقاذ؟ ..رجل يقود سيارة نقل محملة بالدجاج ..في طريقه الى الخرطوم لبيعه ..توقف في اول نقطة تفتيش ..سأله رجل الشرطة (ما شاء الله الجداد بتاعك وزنه سمح ..قاعد تأكله شنو ؟) ..قال الرجل مزهوا (قمح صافي يا جنابو ) ..(قمح ؟ الناس مالاقية تأكل وانت تأكل الجداد قمح ..انزل ..) ..نال الرجل علقة ساخنة ..قبل اخلاء سبيله ليواصل طريقه ..النقطة الثانية دار ذات الحوار عن اكل الدجاج ..صاحبنا لأنه اتعظ من المرة الأولى كان رده ان الغذاء الرئيسي هو (الفتريتة ) ..لكن هذا لم ينقذه ..اذ ان الفتريتة ايضا تعتبر غذاء للانسان ..فكيف يطعم دجاجه منها ؟..فاكل العلقة الثانية وامتلأ غيظا ..النقطة الأخيرة ..لم يجد صديقنا ردا ..انسب من ان يقول للشرطي (والله الجداد دا بديهو قروشو في يدو ..يمشي يتصرف براهو )
بالأمس استمعت للمؤتمر الصحفي المشترك لوزير المالية ..ووزير الطاقة ..والخاص برفع الدعم الكامل عن المواد البترولية ..وحسب تصريح وزير المالية ان هذه الخطوة …لابد منها فهي مثل العملية الجراحية المؤلمة ..والمعقدة لكنها ضرورية لاستمرار الحياة ..وللحفاظ على الصحة ..فدار في خلدي المقولة الشهيرة (ضحينا بالام والجنين عشان تنجح العملية ) ..
القصة في مجملها وبدون لف ودوران ..ان الحكومة قررت ان تفعل مثل صاحب الدجاج ..(تدينا قروشنا في يدنا).. وتخلينا نمشي السوق نتصرف واسم الدلع (برنامج ثمرات).. الشهادة لله ان السيد وزير المالية كان واضحا جدا ..ولم يداري او يكذب ..و(ما قصر معانا تب) فقد اعترف ببعض القصور وابلغنا بانهم يبذلون جهدهم في الضغط على الصرف الحكومي للوقود وتقليل مشاوير السادة اللي فوق ..كتر خيرهم برضو ..
بالرغم من اننا كشعب ..لا احد يستشيرنا في امور حياتنا ..وقد تعودنا ان تنهال علينا القرارات الفجائية ..ونتقبلها بكل صبر وجلد ..تحت شعار (البتجي من السماء ..تتلقاها الواطة ) ..رغم كل هذا فقد قررت ان ادلي بدلوي كمواطنة بسيطة لا تفهم في السياسة ولا تحمل درجة عليا في الاقتصاد ..مثلا كنت اتوقع ان يقدم الوزير الدراسة التي على اساسها تم اقرار رفع الدعم ..ان يحكي لنا رؤيته مدعمة بالارقام والرسم البياني .. اذا تم رفع الدعم وصار سعر لتر البنزين كذا ..يبقى المتوقع ان تدخل خزينة الدولة كذا في اليوم ..مما يعني كذا في السنة ..وبالتالي الحصيلة ستكون كذا ..وكنت انتظر ان يقول ان المبلغ المتوقع سيتم استخدامه في كذا وكذا ..وان هذه (الروشتة العلاجية ) من المفترض ان تستمر لمدة كذا ..وبعدها سيتم اخراجنا من غرفة العناية المكثفة الى العناية الوسيطة ..وبعدها سيكتب الخروج للشعب السوداني ..ويمكنه اخيرا ان ينعم بالحياة الكريمة مثل بقية الشعوب .
الوزير الذي ضرب المثال بالبلاد المجاورة في تسعيرة البنزين ..لم يحذو حذو وزراء تلك البلاد ولم يأت بكامل الدراسات لاقناع الشعب مثلما يفعل اولئك الذي يضرب بهم المثل ..في بلادي لا أحد يأتي بأوراق ..او ارقام ..ولا دراسات استراتيجية ..ولا نعرف اي بيوت استشارية يلجأ اليها الطاقم الوزاري ..حتى نستطيع مراسلتهم وسؤالهم عن الحيثيات والدوافع لمثل هذه الافكار العبقرية ..عن النتائج المتوقعة لهذه الروشتات ..وهل هي لمدة محددة ؟ ..ثلاث حبات كل ثمان ساعات ..والكورس به 48 حبة على سبيل المثال؟؟ ..ام ان المرض مزمن ..ومكتوب علينا تناول الدواء مدى الحياة ؟
اخيرا ..وبعد كل هذا الاستطراد اود ان أطرح عليك السؤال الصعب الذي حير عقول السودانيين بمختلف مشاربهم وقبائلهم والوانهم ولغاتهم ..يا صاحب السعادة ..اين الذهب ؟؟؟

تعليقات
Loading...