د. ناهد قرناص تكتب: كانت أيام ..ما أحلاها !!.

الخرطوم:مرايا برس

مرايا برس

صباحكم خير…. د. ناهد قرناص

كتبت قبل أسابيع مقالاً بعنوان (يا وفاء ليه بتردي الموية ) ..استشهدت فيه بأغنية للفنان طارق العوض .. والشاعر محمد سر الختم ..وكنت قد أشرت في المقال الى أن شاعر الأغنية هو عبد القيوم الشريف ..وصحح لي أكثر من صديق المعلومة باسم الشاعر الحقيقي ..وباسم الفنان كذلك ..اعتذرت للقراء عند نشر المقال في صفحتي الاسفيرية .لكن الحزن كان قد أصابني حقاً ..ذلك انني أعلم جيدا كم هو مؤلم ان ينسب عملك الى غيرك ..ولا أبرئ نفسي ..اذ كان علي تحري المعلومة الصادقة وليس الاكتفاء بأخذها من الشريط المتحرك للقناة التي تبث البرنامج ..لذلك أتقدم فعلاً بالاعتذار عن ايراد معلومة خطأ في مقالي ..وأتمنى حقاً الا تتكرر مرة أخرى.
الحزن الذي أصابني ..لم يكن فقط لتلك القصيدة التي نسبتها خطأ لغير صاحبها استناداً على معلومة تلفزيونية وان كان الامر يستحق فعلاً ..لكن الحزن أكثره لأنني اعتمدت على التلفزيون ..فأنا من ذلك الزمان الذي كان فيه التلفاز أحد الاركان الثقافية المعتمدة ….أنا من تلك الأيام التي كان فيها التلفزيون حقاً جهاز ثقافي واعلامي يمكن الرجوع اليه ..تذكرت أيام كانت السهرات مرتعاً ثقافياً وعلمياً وترفيهياً يجعلك تتسمر في مكانك ..ولا تتحرك لأي شئ الا عند نهاية السهرة ..سهرة مثل فرسان في الميدان …كان الراحل حمدي بدرالدين يتألق ويتحفنا بجميل الكلم وروائع الاحاديث ..كانت هناك فقرة فيها يتنافس المتنافسون على تذكرة للخطوط الجوية السودانية (الخرطوم –لندن) ..قبل بيع (خط هيثرو) ..
كانت تلك الفقرة عن المعلومات العامة ..معلومات طريفة وقوية تأتيك دون تعب ..وتأخذها بكل ثقة ولا تحتاج للبحث بعدها …يكفي انك أخذتها من برنامج (فرسان في الميدان) ..اما عن المسابقة الشعرية ..حدث ولا حرج ..اسماء لجنة التحكيم تنبيك عنها ..على سبيل المثال وليس الحصر ..حسب ما أسعفني به ذاكرتي الضعيفة …فراج الطيب ..الحسين الحسن .البروفيسور علي المك.. الفريق ابراهيم احمد عبد الكريم.. والأستاذة منى محمود.. أطال الله في عمر الأحياء.. .رحمة الله تغشى الموتى منهم أجمعين ..في تلك الفقرة ..نسمع أجمل الكلم ..عيون الشعر ..واللغة العربية تتهادى تجر أذيالها اختيالا ……فرسان في الميدان ..مجرد مثال ..لكن برامج التلفزيون في تلك الحقبة كانت جلها عبارة عن اضافات عقلية وروحية ..ومنتزهات ترفيهية فكرية بامتياز …من أعلى البرامج .. حتى برنامج جنة الاطفال كانت برامج (متعوب عليها ) ..ويمكن الاعتماد عليها والوثوق بموادها.
استمعت قبل فترة لبرنامج أطفال في الاذاعة ..كانت الأغاني كلها باللغة الشامية ..تذكرت اناشيد جنة الأطفال ..(بدري صحيت من نومي) و (مدرستنا يا مدارس ). ..تذكرت فرقة الوان الطيف ..وأناشيدها التوعوية و (أوعك تقطع صفقة شجرة ) ..تذكرت أشياء كثيرة ..وتساءلت ..متى اعتقد التلفزيون ان مهمته تنحصر فقط على الترفيه والهاء المشاهد ؟…من أعفاه من مسؤولية التثقيف واضافة المعرفة ؟والسؤال المهم ..هل انقطع نسل البرامج الهادفة ..التي تقدم المعلومة بخفة وطرافة مثل فرسان في الميدان ؟ هل انقرضت نوعية الاعلامي المثقف المبتكر الذي يسعى دائما لتطوير نفسه وبرنامجه ؟ …وأخيراً وليس آخراً ..هل هناك أمل في ان تعود الشاشة الصغيرة الى موقعها في قلوب الناس ؟ ..لا أدري ..لكنني أخذت عهداً على نفسي الا اعتمد على تلك المعلومات التي تجري في أسفل الشاشة ..لابد من اجراء تحري واستقصاء ..واستيفاء للشروط قبل الشروع في الاستفادة منها ..وسيظل هذا العهد سارياً ..حتى اشعار آخر ..اما في الختام لا يفوتني تقديم الاعتذار مرة أخرى عن النسب الخاطئ لقصيدة (يا وفاء ليه بتردي الموية )..لكم العتبى حتى ترضوا .

تعليقات
Loading...