د. ناهد قرناص تكتب : وطن مرق من الغرق.

الخرطوم :مرايا برس

مرايا برس 

صباحكم خير… د. ناهد قرناص 

أغنية استمعت اليها بالأمس عبر قناة الخرطوم الفضائية ..الأغنية كلمات والحان وأداء الفنان المبدع محمد جبارة ..( العهدة في هذه المعلومات على القناة التي أصبحت مختلفة بصورة ملحوظة ..نجاح يستحق الحديث عنه في وقت آخر ) ..
كلمات الأغنية الجميلة جاءت خفيفة وسريعة الإيقاع على لحن يشبه المارش العسكري.. كأنه حالنا الذي يمازج بين المكون المدني والعسكري.. كلماتها جعلتني أقول وجدتها ..كثيرا ما يكون هناك معنى تائه في افكارك ..تلمحه فجأة في كلمة عابرة ..او مشهد صغير يمر امام ناظريك بمحض الصدفة ..(وطن مرق من الغرق) …كنا غارقين في بحر الديون ..وبالأمس فقط بدأت مرحلة جديدة ..بعد ان تم اعفاء جزء كبير من الديون والباقي (عايز جكة).
هل يعني ذلك اننا نجونا؟ اننا بلغنا الشاطئ الآخر ؟
لا بالتأكيد ..كل الذي فعله صندوق النقد الدولي ..انه اجرى لنا عملية تنفس اصطناعي ..ليدخل الهواء الطبيعي الى الرئتين بعد ان ملئتا بالماء طوال الفترة الماضية …كنا على وشك الغرق حقيقة ..والان فقط يمكننا ان نأمل في النجاة والاستمرار في الحياة ..
الضائقة المعيشية التي نمر بها جعلت (نفسنا قصير ) ..وصبرنا يكاد يؤول الى الصفر ..فالاحلام كانت عظيمة والهمم عالية ..وكلنا توقع ان نرفل في النعيم والرفاهية بعد السقوط ..لكن التجربة اظهرت لنا ان الدرب طويل و وعر ..فاذا اردنا الرفاهية ..فهي لن تتحقق الا بالانتاج ..الانتاج لن يحدث بين يوم وليلة فهو يحتاج الى بنية تحتية قوية ..واذا اردنا بناء او ترميم ما تبقى من البنية التحتية ..فهي تحتاج الى اموال وتمويل ..واذا اردنا التمويل فهو يحتاج الى ضمانات ..والضمانات اهمها هو ان تملك سجلا ماليا نظيفا ..او على الأقل تكون ملتزما في سداد الديون..هذا هو الذي يضمن لك تعاملات خارجية ويفتح مجال الاستثمار للشركات العالمية لكي تساهم في عمليات التنمية.
الذي حدث بالامس كان مفرحا حقيقة …فعلى ما يبدو ان الحكومة في هذا الصدد احرزت نجاحات تحسب لها وخطت خطوات ممتازة الى الامام ..وهذا ما نريده حقا ..ان تكون هناك اهداف استراتيجية ويتم وضع خطط للوصول اليها ..رغم ان ذلك تم عبر اصعب الطرق ..(رفع الدعم والغاء الدولار الجمركي )..لكن من قال ان الامر سيكون هينا ؟ دخول الهواء الى رئة الغريق يسبب الما مبرحا ..لكنه السبيل الوحيد لكي يعود الى الحياة مرة اخرى ..
الجهد الذي تم بذله خارجا.. يجب أن نرى ما يوزايه داخليا.. فقد بقى ان نرى تحسنا في تخفيف الضغوط المعيشية.. لقد بلغت القلوب الحناجر.. وأخشى ما اخشاه ان تبلغ السفينة شاطئ النهاية بدون الكثير من ركابها الذي قضوا نحبهم في الطريق ..
لا اريد اختم مقالي قبل ان اعلق على ظهور رئيس الوزراء في الآونة الأخيرة عبر منصات الاعلام ..هذا الامر كان له اثر طيب في نفوسنا جميعا نحن جماهير الشعب العاملة ..لا شئ أسوأ من حجب المعلومات ..الا احتجاب الحكام ..والحمد لله ان الحكومة بدأت اخيرا تتعلم من اخطائها ..تخلت عن صمتها وصرنا نرى مؤتمرات صحفية لمجلس الوزراء ..وهو امر يجب ان نعلق عليه ايجابيا .
اخرج الينا يا صاحب السعادة ..اظهر على الشاشة وتحدث عبر الاذاعة ..اسمح للصحفيين بلقائك واجب على الاسئلة الكثيرة التي تملأ اذهانهم ..اخرج الينا يا سعادتك ..وصدقني لن تجد ارحب واحب واجمل من قلوب ابناء وبنات بلدك.

تعليقات
Loading...