مبارك الكودة يكتب : إلى الذين جعلوا الحق عضين. 

الخرطوم :مرايا برس

تناول البعض بغرض الإثارة السياسية الفارغة بما يسمي فتوى منسوبة للأخ عبد الحي يوسف فحواها انه يجوز للبشير كحاكم إذا اقتضت الضرورة والمصلحة العامة ان يقتل ٥٠ ٪؜ من شعبه لتستقر اوضاع دولته ويعيش النصف الآخر في أمنٍ وأمان ، وبالطبع المقصود من هذه الفتوى إذا فعلاً قيلت ليس قتل ال ٥٠ ٪؜ كثمن لاستمرار الحكم انما هي تقدير لمصلحة عامة ، فالفتوى تُفَضِل ان يبقى النصف في أمن اذا كانت النتيجة ضياع الكل (المال تلته ولا كتلته ) أما اذا كان القتل بسبب البقاء في الحكم فقط فهذا قطعاً لا يجوز والجائز عندي ان يقتل صاحب هذه الفتوى ،والقرآن يقول (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ الناس جميعاً ) ٠
كما أني الآن لست في معرض صحة الفتوى وشرعيتها ، لاني من الذين يرون انه ليست هنالك أصلاً فتوى تعتبر ديناً ملزماً لحاكم أو لغيره ، والفتوى عندي تظل رأياً لخبير غير ملزمة لأحد والملزم هو فتوي القرآن ( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ ) ( وَيَسْتَفْتُونَكَ فِى ٱلنِّسَآءِ ۖ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ ) فالله وحده لا شريك له هو الذي يفتي و يفصل بين الناس فيما كانوا فيه يختلفون ﴿ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ )وما عدا ذلك فهي جهد بشري واراء فكرية وحقائق علمية معملية ٠
كما اني لست بصدد القطع بأن الاخ عبد الحي قد قال هذا الرأي ولكني سمعت نفيه ، فتبقى البينة على من ادعى ،ولكني بصدد القول ان هذا الرأي موجود في كتب الفقه وموجود ايضاً اذا نظرنا اليه في السياق التاريخي الانساني ، فالممنوع هو قتل النفس بغير الحق ( ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق) (ومن قتل نفساً بغير نفسٍ أو فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا) وواضح جداً ان الذي يستوجب قتل النفس هو الحق والفساد في الارض ، وان كان قتل الانفس بالجملة جائزاً لمن اجتاح ابو كرشولة وروع الآمنين من النساء والولدان فمن باب أولى ان يقبل قتل الحاكم الذي يمتلك الحق بموجب عقد اجتماعي ويحتكر القوة والعنف بموجب هذا العقد ليكبح بهما جماح الافراد تجنباً للفوضى التي نعيشها الآن ونجد لها للأسف مدافعين باسم الحرية وحقوق الانسان ، وفي تقديري أن الدولة هي أولى بالسعي والاجتهاد لتحفظ حقوق عامة الناس حتى وان أدى ذلك لقتل الخارجين عن طاعتها بالحق ودرءاً للفساد المفضي لانهيار الدولة ٠
وليس الذي أقوله هذا فتوى إنما هي حجة للذين يمارسون قتل الناس بالجملة ويرفضونه للحاكم الذي هو أولى منهم بالقتل بالإضافة إلى انه تذكير للدولة بمسئوليتها تجاة رعاياها ، ولكم في القصاص حياة يا أولي الالباب ، وللذين جعلوا الحق عضين نذكرهم بقوله تعالي ( وَقُلۡ إِنِّيٓ أَنَا ٱلنَّذِيرُ ٱلۡمُبِينُ ، كَمَآ أَنزَلۡنَا عَلَى ٱلۡمُقۡتَسِمِينَ ، ٱلَّذِينَ جَعَلُواْ ٱلۡقُرۡءَانَ عِضِينَ ، فَوَرَبِّكَ لَنَسۡـَٔلَنَّهُمۡ أَجۡمَعِينَ ، عَمَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ). صدق الله العظيم 

تعليقات
Loading...