سناء حمد تكتب:السودان ..وصراع الافيال. 

الخرطوم :مرايا برس

الخرطوم :مرايا برس 

أن ما يجري في اثيوبيا سيسرِّع بترتيب الاوضاع في السودان …بطريقة عملية وسريعة ، فالمطلوب الان سودان مستقر ومتماسك ، قابل لامتصاص ما يجري الان في اثيوبيا وما سيجري في اريتريا ، التي حمّلها السفير جيفري فليتمان اليوم في معهد السلام بواشنطن العاصمة – احدي مؤسسات صناعة السياسة الخارجية الامريكية- مسؤولية التوتر وعدم الاستقرار في القرن الافريقي .
ان السودان المستقر في نظر الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة يلعب فيه الجيش دوراً محورياً ، و حديث فليتمان عن ضرورة استعادة الجماهير للشراكة في حكومة مدنية ، بحمدوك ام بدونه ، كان اشارة لا لبس فيها موجهة لرئيس الوزراء المعزول وداعميه الاروبيين …للإسراع بحسم موقفه ، وهي إشارة خضراء للجيش وحلفائه انه يمكنهم تجاوزه.
ربما يتساءل البعض عن سبب هذا الاهتمام الدولي بالسودان ؟ السبب هو آنه ببروز الصين كقطب ثاني محتمل في النسق الدولي وتحرّك روسيا للعودة للمنافسة في الساحة الدولية، ومن ثم وجود منافسين محتملين للولايات المتحدة التي سيطرت على المشهد الدولي كقطب اوحد منذ أكثر من قرنين ، ولذلك استعادت الجيوبوليتيك اهميتها ، فالتنافس الان على الممرات المائية والموارد الطبيعية ، وأدى ذلك لاستعادة السودان لاهميته في المنطقة وفي الساحة الدولية ، ولهذا تحديداً في حال صمد العسكريون قليلاً امام الضغوط التي تمارس عليهم سيفاجأ الجميع خلال هذه الازمة وبسرعة ، بأن دبلوماسية الموضوعات سيخفتُ صوتها تدريجياً بينما ستعلوا لغة المصالح … فهناك هامش للمناورة بين المتنافسين.
وخلال الاسابيع القادمة للاسف ستكون بلادنا مسرحاً لصراع مكتوم بين أمريكا ومنافسيها المعروفين وهم روسيا والصين من جهة ، ومن جهة اخرى منافس جديد برز في المشهد وشهيته مفتوحة للمنافسة ، وهي المانيا التي تعمل على موضعة نفسها على خارطة النفوذ الدولي خاصة بعد تخلصها من بريطانيا في الإتحاد الاروبي ، لقد تحركت لفترة مدروسة وبهدوء تحت مظلة التحالف الغربي والقيادة الامريكية ، ولكنها ترى أنه آن الآوان للانطلاق نحو دورٍ جديد يتناسب وقوة الاقتصاد والقدرات التنافسية للدولة وتساندها فرنسا ..المتوترة بعد خسارتها لصفقة الغواصات والتسليح الشهيرة ، مما تسميه الحلف الانجلوسكسوني والذي يضم امريكا وبريطانيا وكندا واستراليا .
إن المعسكر الغربي في مسألة السودان غير مُتحد فقد باعدت بينه الاطماع والمصالح ، والمانيا تتحرك بسرعة وقوة عبر مواطنيها الفاعلين في الملف السوداني وهما رئيس البعثة السياسية للامم المتحدة يونيتامس (UNITAMS) د. فولكر بيرتس و ممثلة الاتحاد الاروبي للقرن الافريقي د، آنيت ويبر …
وامريكا تتحرك للحفاظ على ما تعتبره منطقة نفوذ مهم ..والصين وروسيا لهما مصالحهما المعلومة في الاقليم الحيوي …
الخلاصة إن العالم سيكتشف انه يعود تدريجياً لمناخ بشبه مناخ فترة الحرب الباردة .. وبلادنا ستكون احدى صور هذا الصراع الذي لن يكون لصالح الديمقراطية ولا الحريات او حقوق الانسان ، والتي للاسف الشديد انتهكت خلال فترة حكم حزبية كانت خصماً على آمال عريضة بالتحول الديمقراطي .

تعليقات
Loading...