في أدب السيرة.. الأستاذ ود الفضل يكتب :محطات في مسيرة الحياة (٣١)

الخرطوم :مرايا برس

لقد كشفت انتخابات ١٩٨٦م حقيقة التحالف بين أحزاب الأمة والاتحادي والشيوعيين والبعثيين والقوميين العرب والناصريين وجبهة جبال النوبة ضد الجبهة الإسلامية القومية لتوجهها الإسلامي وأن قضية الشعارات المرفوعة والمبادئ المطروحة ما هي إلا عملية تمويه لخداع الشعب عن التوجه العلماني لهذه الأحزاب وإلا بماذا نفسر اتحادها جميعا في خوض معركة الدائرة (٢٧) الصحافة التي ساندوا فيها مرشح الإتحادي الديمقراطي السيد حسن شبو ضد مرشح الجبهة الإسلامية الدكتور حسن الترابي؟.
وبماذا نفسر تحالفها جميعا مع الحركة الشعبية بقيادة جون قرنق لتصدر ميثاق اسمرا عام ١٩٩٥م الذي ينص على قيام حكومة علمانية بديلة للانقاذ التي تبنت القوانين الإسلامية. هذا التحالف الذي عجز تماما عن اسقاط الإنقاذ بعد عملية الحصار عام ١٩٩٧م التي رعتها مادلين اولبرايت وزير خارجية أمريكا حينها من موقعها في يوغندا وهو الغزو الذي خاطب فيه السيد محمد عثمان الميرغني الرئيس البشير بقوله “سلم تسلم فقد احيط بك ” ولكن سبقت ارادة الله بفشلهم فارتدوا على اعقابهم خائبين.
وبم نفسر توجهات حكومة الفترة الانتقالية التي اعقبت سقوط الإنقاذ بمؤامرة داخلية صرفة والتي ضمت كل أحزاب التحالف العلماني الذي يسعى بجد واجتهاد لمحو الدولة السودانية يتوجهاتها الإسلامية والذي ارادت حكمة الله ان ينكشف زيف الدعاوى والشعارات التي تدعو للحرية العدالة والسلام وان ينكشف الوجه القبيح لذلك التحالف الذي ألحق بالوطن والمواطنين الويل والثبور، اليس هو التحالف الذي يضم هذه الأحزاب وان كان بعضها يتزعم طوائف دينية كالأمة والاتحادي والا كيف نفسر هذه الموافقات في مسيرة هذا التحالف العلماني في انتخابات ٨٦ الدائرة (٢٧) الصحافة وفي مؤتمر اسمرا ١٩٩٥م وميثاقه وفي غزو ١٩٩٧م برعاية وزيرة خارجية أمريكا مادلين اولبرايت وفي توجهات وسلوك حكومة الفترة الانتقالية بعد سقوط الإنقاذ والتي اصبحت كلها عبارة عن مقطورة يجرها الحزب الشيوعي من خلفه كمغفلين نافعين “م.ن” للأسف!!
بهذه الخلفية التي يقود تحالفها حزب الأمة والاتحادي في حكومة ائتلافية تزعمت الجبهة الإسلامية المعارضة وهي تعلم تماماً ما تكنه هذه الأحزاب من عداوة وحقد على الجبهة التي اكتسحت دوائر الوعي الجغرافي ودوائر الخريجين وما يتطلب ذلك من وعي وحضور لمعارضة تواجه كل هذه التحديات.
ما أشبه الليلة بالبارحة، لقد ابتدرت حكومة الصادق نشاطها برفع شعار كنس آثار مايو كما هو الحال في الحكومة الانتقالية التي رفعت شعار تفكيك الدولة العميقة ففي الحالتين ليس المقصود المشاريع الانتاجية ولا البني التحتية وان كان الإهمال وسوء الادارة ووضع الشخص غير المناسب بهدف التمكين سيكون أكثر ضرراً في هدم هذه البني بمعاول الجهل والتخريب ولكن المقصود الحقيقي هو توجه الأمة السودانية عقيدة واخلاقاً وقيماً وسلوكاً تحت راية الشريعة الإسلامية وقوانينها التي نعتها السيد الصادق بقوانين سبتمبر التي حاربت الموبقات الاجتماعية والاقتصادية والسلوكية التي أسست لها قوانين المستعمر الذي لم يغادر إلا بعد أن تيقن أن من خلَّف وراءه سيرعى هذه الموبقات.
هذا التوجه العدواني نحو قوانين الشريعة وما تدعو له اوجب على الجبهة أن تركز جهدها في ثلاثة محاور أولها التمكين لدين الله في السودان بإصلاح العقيدة وتطبيق الشريعة وحماية المعاملات من الانزلاق نحو الاهواء والتهاون وثانيا حراسة الاستقلال وحرية القرار وتنمية الموارد وثالثها أمن المواطن وحريته ورفاهيته.
هذا الأمر يقتضي العمل على مقاومة كل توجه لإلغاء قوانين الشريعة بإعتبارها السياج الحارس لهذه القيم، تحت شعار كنس آثار مايو سواء داخل البرلمان أو خارجه، كما يقتضي النقد البناء لسياسات الحكومة في علاقاتها الخارجية، وفي تدابيرها الاقتصادية والاجتماعية، مع السعي الجاد لمواصلة تمتين علاقات التواصل مع المجتمع في أفراحه واتراحه بالحضور المباشر تعرفاً على الأحوال وتبليغاً لرسالة الجبهة.

تعليقات
Loading...